أدى الخلاف بين مصر وحكومة حماس إلى أشد أزمة في الوقود والكهرباء تشهدها غزة منذ أعوام. ونظرا للشح الشديد في الطاقة، يتحمل أهل غزة انقطاع الكهرباء اكثر من 18 ساعة يوميا وتكاد الطاقة ان تنفد من مولدات الطاقة الاضافية في المستشفيات، كما يجري صب مياه المجاري دون معالجة في البحر المتوسط لعدم عمل مضخات المعالجة واغلقت محطات التزود بالوقود. ويثير النقص الحاد في الوقود والكهرباء الذي تزايد في الشهرين الماضيين حنق سكان غزة، الذين يقولون إن احتياجاتهم الاساسية غير متوفرة بسبب السياسة. وتقول روضة سامي ،22عاما، وهي تنتظر مع زملائها في الجامعة الاسلامية حافلة "لا توجد كهرباء، لا توجد مواصلات، ولا يفكر أحد من الزعماء فينا". والسبب الظاهري في هذه الازمة هو إمدادات الوقود من مصر، ولكن بنظرة اعمق فإن الازمة ناجمة عن العلاقات المتوترة بين مصر وحماس. حماس لا تريد الوقود فقط، بل تأمل في أن تفتح مصر طريقا مباشرا للتجارة مع غزة. وقد يؤدي ذلك إلى استقرار واستمرار تولي حماس للسلطة في غزة. وترفض مصر ذلك محاولة منها ألا تعفي اسرائيل من المسؤولية عن غزة التي تعاني من الفقر والازدحام السكاني. وكانت اسرائيل قد سحبت جنودها ومستوطنيها من غزة عام 2005 بعد 38 عاما من الاحتلال العسكري ولكنها ما زالت تسيطر على نقاط الوصول إليها والخروج منها جوا وبحرا فيما عدا عدد من الاميال على الحدود مع مصر. وترجع أزمة الوقود في غزة إلى قرار اتخذته حماس منذ اكثر من عام باستخدام الوقود المهرب لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة بدلا من تكبد اموال اضافية في شراء وقود يمر عبر معبر اسرائيلي للبضائع. وتوفر هذه المحطة في الظروف العادية نحو 60 بالمئة من الكهرباء في غزة. ومنذ عدة أسابيع بدأ تدفق الوقود المهرب في التناقص، حيث تعاني مصر ذاتها من نقص في الوقود. وشعرت مصر بالغضب من أن حماس تحقق ارباحا عن طريق بيع الوقود المدعوم الذي من المفروض أن يباع في الاسواق المحلية. وقد أغلقت محطة توليد الكهرباء في غزة في العاشر من فراير / شباط الماضي. وبدأ مخزون الوقود اللازم لوسائل النقل في النضوب واغلقت المحطات الرئيسية للتزود بالوقود في غزة منذ ايام. ويقول تجار إنه لم يصل وقود مهرب لغزة مؤخرا. ونتيجة لذلك فإن وقود مولدات الكهرباء في المستشفيات اوشك على النفاد مما يعرض حياة الكثير من المرضى للخطر ومن بينهم الاطفال الخدج ومرضى الغسيل الكلوي والمرضى في غرف الانعاش. واضطرت المستشفيات إلى إيقاف نصف عدد سيارات الاسعاف عن العمل. كما أصبح اصحاب السيارات لا يجدون الوقود الللازم لها بينما تحدث مشادات بين جموع من المنتظرين كي يستقلوا سيارات الاجرة القليلة التي لم ينضب وقودها.