سيدنا موسى عليه السلام هو أول من عرف الهجرة القسرية من أرضه، "قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحر عليم يريد ان يخرجكم من أرضكم فماذا تأمرون".. عبر موسى البحر باتجاه فلسطين نائياً بقومه من طغيان فرعون. ويتعرض العرب في مناطق الصراع للهجرة القسرية والعشوائية بتهمة "مذهبهم السني" الذي اصبح اتهاما لهم؛ فوحدات الشعب الكردية قامت بتهجير العرب من ارضهم الحسكة شمال شرقي سورية، بعد ان هرب داعش منها مهزوما، فقامت القوة الكردية بتجريف المنازل وطرد اهلها الى الصحراء. الامين العام للامم المتحدة عام 2012 رفع تقريرا الى مجلس الامن حول حماية المدنيين وعرض عليه توصياته حول التهجير، بما في ذلك امكانية إحالة بعض القضايا الى المحكمة الجنائية، والتقرير كان يحمل تجريم القوى العسكرية سواء أكانت افرادا ام حكومات التي ترغم الشعوب على الهجرة القسرية، الا ان هذا التقرير لم يتحرك كقانون الا في السودان لانه كان هو المقصود فقط من التقرير. العدالة الدولية لم تكن منصفة دائما ولكنها غير ظالمة بالكلية ففي يوغوسلافيا السابقة ورواندا سيق المتهمون بقضايا الابادة والتهجير الى العدالة الدولية لنيل جزائهم المستحق، لا توجد في العالم عدالة مطلقة ولكن توجد قرارات بها عدالة، وهذه القرارات تصنع بجهود ولا تأتي عدالتها بسبب عدالة قضاياها فقط. منظمة التعاون الاسلامي هي من المنظمات الدولية التي تسهم في صناعة قرار العدالة، من خلال تمثيلها 57 دولة اسلامية ومهنيتها النافذة في التعامل مع القانون الدولي، فعليها التجهيز لصناعة القرار الدولي الخاص بحماية المهجرين العرب السنة من ديارهم، تبدأ بإرسال مراقبين الى ارض الصراع والتهجير، لحصر الاسباب والمخاطر والبشر، بطريقة قانونية ترصد لتحاسب، فمسؤوليتها عن 1,5 مليار مسلم تتطلب منها العمل الجاد لحمايتهم وفقا للقانون الذي تمثل المسلمين بموجبه، فضمير العالم يتحرك فقط عندما يتم تحريكه، بأدوات انسانية واخلاقية محايدة، تمنع استئصال الانسان من ارضه ومنزله، فالتهجير القسري والعشوائي الذي يتعرض له اشقاؤنا سوف يزيد من مآسي المنطقة ويضيف للتطرف تطرفا جديدا، ومنظمة التعاون الاسلامي دانت التطرف في مؤتمرها الاسبوع الماضي في الكويت ادانة خطابية، وبقي امامها ادانة الفعل التي تبدأ بتوجيه القانون الدولي نحو الجريمة الانسانية التي تقع في حدود مسؤوليتها، فالادانة العشوائية لا تمنع الهجرة القسرية والعشوائية، بل تضيف إلى الاحباط عجزا غير مبرر، فمنظمة بني وجودها على الاسلام يجب ان تنطلق بفهم قضاياها من الاسلام.