قالت قريية لي: أنها لا تفهم سر البهجة التي تعتري البعض في حفلات الميلاد! وأن هذا اليوم يجعل المرء يشعر بالإحباط لأنه يودع عاما ويدخل عاما فسنوات عمره تزيد! فكنت أجيبها: أنني أعتقد أن مسألة العمر فكرة نسبية غير ثابته وأنها ليست قيمة محدده كما هو مدون لنا على الورق ..هي أوسع من نضيق حدودها فالمرء قد يكون له عمر افتراضي مختلف عن عمره الحقيقي المدون على تلك الأوراق، فعقل الإنسان ومنطقه وكذلك شكله له دور في ذلك. وهذا يعود لأمرين، الأول رغبة الإنسان بيده أن يبدو أكبر من عمره أو في عمره أو أصغر من عمره، والثاني يعود لظروف الإنسان وتجربته في الحياة فقد تحدث نقلات كبيرة في حياة الإنسان، فقد ترى رجلا في الثلاثين من عمره فيعجبك قوله وفعله ومظهره وعندما تقترب أكثر تجد أن عمره الحقيقي في الخمسين! ثم تتساءل؛ كيف حصل هذا؟! والأمر بسيط لقد اعتنى بنفسه، وتم ذالك برغبة وإرادة منه. في حين قد ترى رجلا في الأربعين من عمره أكل الدهر عليه وشرب وعندما تقترب من عمره الحقيقي تجده في العشرينات ! وتتساءل أيضا؛ كيف حدث ذلك؟! هي الظروف بقسوتها والأيام بمراراتها أوصلته إلى ماهو عليه! إذن فالعمر مسألة نسبية! تقول إحداهن: كانت تمكث في العمر الذي يعجبها أربع سنوات فعندما سألت عن عمرها قالت أنها في الخامسة والعشرين وظلت تجيب نفس الإجابة أربع سنوات وهي تصدق أنها فعلا في هذا العمر! يقول نيتشة عن مراحل العمر: " العشرون سنة الأولى، هي إجمالا تمهيد للحياة، والعشرون الأخيرة تربط وتوافق بين كل ماعشناه من قبل، وبينهما توجد مرحلة مابين العشرين والخمسين وهي ثلاث عقود تقابل فصول ثلاثة: الصيف والربيع والخريف أما الشتاء فلا تعرفة حياة الإنسان إلا أن نشاء إطلاق شتاء الإنسان على مراحل المرض المرة ؛ الباردة ؛ الوحيدة ؛ الموحشة والتي غالبا ماتدخل مع الأسف في حياته. فالعشرينات : سنوات ملتهبة ؛ مرهقة ؛ عاصفة ؛ منهكة وغزيرة نقدر أثناءها اليوم عند المساء، حين ننتهي ونحن نمسح جبيننا، إنها سنوات يبدوا لنا العمل فيها شاقا مضنيا ولكن ضروريا، هذه السنوات بين العشرين والثلاثين هي " صيف العمر " ومن الثلاثين إلى الأربعين: هي ربيع العمر فجوها تارة شديد الحرارة، وتارة شديد البرودة، دائما مضطربة ومنشطة، حيوية متدفقة، تعرف الكثير من الصباحات والليالي الساحرة وعملا توقظنا إليه أغاريد الطيور، عملا حقيقيا نمارسه وقلبنا مفعم بالسرور نعتبره نوعا من الاستمتاع بقوتنا يدعمه شعور مسبق بالأمل. وأخيرا تأتي الأربعينات: سنوات غامضة، ككل مالا يتحرك، شبيهة بهضبة عليا شاسعة وجلية تهب فيها رياح باردة سماؤها صافية وترقب النهار حتى قلب الليل دائما بنفس الرقة إنه زمن جني الثمار وزمن المرح القلبي - إنه خريف العمر ."