من فلم ياباني رأيته في الاسبوع الماضي تسأل الزوجة زوجها بعد أن وضعت طفلتها : ماذا تريد لابنتنا أن تكون في المستقبل ؟ فأجاب مبتسماً وهو يمسك بيد الطفلة :أريدها أن تكبر وتختار ماذا تريد بنفسها. إن كثيراً من الآباء بقصد أو دون قصد يتدخلون في قرارات أبنائهم وقد يجبرونهم على ما يريدونه هم بشكل مباشر أو غير مباشر ظناً منهم بأنهم الأعلم بمصلحة الابن واختيار الصواب وربما يزيد بعضهم التفاصيل الصغيرة كاختيار نوع ولون الملابس ! الحقيقة التي ينساها كثير من الآباء أنهم لا يستطيعون أن يشكلوا ابناءهم بالصورة التي يريدونها وكان هذا واضحاً جلياً فنوح -عليه السلام - لم يستطع انقاذ ابنه . إن دور الآباء يكمن في النصح و التوجيه والدعاء دون ممارسة الضغط لأن هذا يؤدي إلى حدوث خدش في شخصية الابن مما يسبب له اضطراب في الهوية واعتماد مباشر على والديه نتيجة لقمع حريته في اختيار مايريد ! كان لي زميلة في المرحلة الثانوية دخلت القسم العلمي لأنها رغبة أهلها رغم إدراكها لأنها غير قادرة على هذا القسم وميولها الأدبي واضحاً لها وللجميع ولم يجد نصحنا لها وظلت على رغبة أهلها ..فكانت النتيجة عدم قدرتها على الالتحاق بالجامعة بسبب انخفاض المعدل ! إن هذا النوع من الخيارات المصيرية لا يحتمل المغامرة لأن المترتبات عليه لا تقتصر على الحاضر من تعب نفسي بل تصل للمستقبل كممارسة المهنة مثلاً أو الأطفال من زوج غير مرغوب من الفتاة ! نحن حقاً بحاجة لثقافة التعبير عن الرأي لدى الأبناء و الانصات من الآباء ومعرفة احتياجات ورغبات ابنائهم بما يتناسب مع قدراتهم وطموحهم وخلق لغة من الحوار والتفاهم بين الطرفين حتى تكون النتيجة مرضية للآباء وفيها خدمة للآبناء . في كتاب النبي لجبران خليل جبران قالت امرأة تضم إلى صدرها طفلا : حدثنا عن الأولاد ! فأجابها وقال : إن أولادكم ليسوا بأولادكم انهم أبناء أشواق الحياة وبناتها ، وهم لا يأتون منكم ! فما أنتم إلا الوساطة ، وهم وإن كلنوا معكم ليسوا لكم ! وأنتم تستطيعون أن تعطوا أولادكم محبتكم ولكنكم لا تستطيعون أن تلقنوهم أفكاركم ، لأن لهم أفكارهم ! و تستطيعون أن تقيموا المساكن لأبدانهم لا لأرواحهم ، لأن أرواحهم تسكن في مسكن الغد الذي يمنع عليكم حتى في أحلامكم . ولكم أن تكونوا مثلهم ، وليس لكم أن تجعلوهم مثلكم .