تابعت ما كتبه الزميل العزيز قينان الغامدي عن جمارك جده ، وما نشرته صحيفة المواطن عن فوضى ومعاناة كان قد مرّ بها اثناء استلام أغراض له وردت عبر الوارد الدولي بجمرك جده . ولا شك ان الزميل الاعلامي قينان الغامدي كان ينقل معاناته ومعاناة غيره ، ويقدم رسالة للمسؤولين بأن الاعلام شريك في التنمية ، وهو عين المواطن وعين المسؤول ، وان الهدف هو اطلاع المسؤولين على مكامن الخلل ، ومواقع التقصير في الخدمات . ولكن النقد يكون بنّاءً وهادفاً إذا أصاب عين الحقيقة ، واستند الى معلومات دقيقة ، فتأتي نتائجه صالحة للعباد والبلاد . واللافت للنظر فيما ذكره الزميل قينان انه صبّ جام غضبه على ادارة الجمارك لكونها الظاهرة في المشهد ، وليس هو الوحيد الذي اشتبه عليه الامر ، بل كثير من الناس يقعون فيما وقع فيه ، رغم ان الجمارك ما هي إلاخطوة ومرحلة من مراحل تخليص الأمتعة والشحنات الواردة ، حيث تبدأ عملية التخليص بمراجعة مكاتب الخطوط السعودية لاستلام إذن التسليم الجمركي ، بوليصة الشحن ، ثم تقوم الخطوط بعد ذلك في تحديد مكان الأمتعة بمستودعاتها ، ومن ثمّ تحضيرها الى صالة المعاينة الجمركية ، ليبدأ بعد ذلك دور الجمارك ، وهو دور أمني ودور خدمي . وحسب معرفتي الطويلة بالجمارك وإجراءاتها منذ عملت مجاورا لهم بمطار الرياض القديم ، ثم الميناء الجاف ( سكة الحديد بالرياض ) وبعده بمطار الملك خالد الدولي وجماركه ، فإن إجراءات ما قبل المعاينة الجمركية هي التي تأخذ وقتاً أطول ، مالم يكن الوارد الفعلي عليه قيود توجب التريث في فسحه ، ولقد حمّل الزميل قينان الغامدي الجمارك في جدة وزر تأخير تسليم أمتعته ، رغم ان السبب كان غيرهم ، اذ ان فسح الأمتعة الشخصية يتم عبر مجموعة الفسح الفوري ، ولا أدلّ على ذلك من وصفه للمبنى التأريخي الذي هو ليس ملكا الجمارك ، بل لهيئة الطيران المدني ، وليس بوسع ادارة الجمارك الا ان تعمل وفق ما يتم تأمينه لها من مبانٍ بالمطارات الدولية . ولأنني أدرك الدور الأمني الهام جداً للجمارك في حماية البلد، والدور الاقتصادي الكبير كمورد من موارد الدولة في استيفاء الرسوم ، وتسهيل وصول البضائع للسوق ، وحمايته من تسرّب البضائع المقلدة ، فإن وجود بيئة عمل تتناسب وأهمية هذا الجهاز مطلبٌ صحيح . ولان الحكم على الشيء فرعٌ عن تصوره ، فقد رأيت ان أوضح وجهة نظري مما اعلمه واعرفه حق المعرفة عن جهاز عملت بالقرب منه ما يقارب 25 عاما متواصلة ، فرأيت الخطوات الواسعة في مسيرته حتى بات من اهم الأجهزة بمنافذ المملكة الجوية والبحرية والبرية . احمد بن عيد الحوت مستشار اعلامي