التواضع سمة تتناسب طرديا مع درجة الرقي فكلما زاد تواضع المرء كلما زادت درجة رقيه وكاد ان يبلغ الكمال. التواضع صفة الأنبياء كونهم بلغوا منزلة الكمال فكانوا ينظرون لمن حولهم نظرة الشفيق الرحيم لا نظرة التعالي والترفع ..يعلمون الجاهل ويتفقدون حال الفقير ويقدمون يد العون للمسكين ويرشدون ابن السبيل. التواضع مغناطيسا يجذب القلوب البشرية على اختلاف طباعها وطبقاتها ومستوياتها الثقافية والعلمية والدينية (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك )فماذا يجب حتى تحتفظ بتلك الجاذبية (فأعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الامر ) مهما بلغ المنصب وصار بيدك القرار ومطلق الصلاحيات (فأعف عنهم ) ومهما علت المكانة الاجتماعية والوجاهة (واستغفر لهم )ارفع أعذار هم لمن هو فوقهم واشفع لمخطئهم عند من سيحاسبهم على عمل او نحوه ...ومهما علت الدرجة العلمية وازداد الثراء الثقافي واتسعت الخبرة (وشاورهم في الأمر ) ربما تجد الرأي السداد عند أقلهم رتبة أو أقلهم خبرة .....فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم النبي القائد رئيس الدولة يأخذ برأي سلمان في حفر الخندق وهو جندي من الجنود ،،،،ويأخذ برأي الصحابي الآخر في غزوة بدر ،ذاك هو التواضع في أبلغ صورة ،، التواضع سكينة ووقار وبهجة وسرور تتغشى القلوب فتحيلها رياض خضراء من الألفة والمحبة والرضا. أيها المتغطرس قف قليلا مع نفسك واسألها بصدق ماذا اكتسبت من التكبر على عباد الله ؟؟ المنصب أمانة وضعها ولي الامر في عنقك وبابا الى نار جهنم تتحكم أنت في فتحه وإغلاقه بقدر أدائك لتلك الأمانة فلماذا تتكبر على قوم رحمهم الله مما أنت فيه. المال نعمة ومنحة ربانية وهبها لك الله فلا جهد منك ولا ذكاء اقتصادي يستطيع أن يحفظها لك إن أراد الله فقرك فلماذا تترفع على من رزقهم الله الكفاف والقناعة أو حتى من سخرهم الله لك حتى تدخل الجنة بصدقاتك عليهم فهم اصحاب فضل عليك ولولا وجودهم لما دخلت في صفقات مع الله ربحها جنة عرضها السموات والأرض ،،،قارون كان من قوم موسى ولما فتح الله الله عليه نعمة المال دخله الكبر والغرور وعزا الهبة الربانية لذكائه الاقتصادي واقتناصه للفرص المالية وتكبر على الخلق فخسف الله به وبداره الارض الكبر الإجتماعي والطبقية البغيضة التي يزرعها الآباء والإمهات في أبناءهم منذ الصغر ويغفل أولئك أن لهم مثل وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة فما ذنب طفل يتخاصم مع زميلة او قرينه ليقول له الأب انت ابن فلان وابن قبيلة كذا ومن هو حتى يمد يده او يتلفظ وربما لقنه بعض المصطلحات الطبقية وذكره ببعض مواقف أباءه الجاهلية ليعزز فيه خلق الكبر وغمط الناس واحتقار هم ولو نظر الى نفسه نظرة المنصف لوجدها تدور في حلقة مفرغة من التخلف والانحطاط الأخلاقي والثقافي والوعي المتدني وما كان ذلك الا بسبب الكبر وتضخيم الذات الذي اشغله عن تطوير ذاته وتهذيبها وما علموا ان السنابل كلما زاد امتلاءها زادت انحناء.