ذات مساء وفي أحد الأسواق المجاورة للحرم المكي كانت هناك متسوقة من إحدى الدول الخليجية كما يبدو من لهجتها وحيث كانت في محاولة يائسة مع البائع السعودي لتخفيض السعر حيث قالت له بلهجة حادة لماذا انت متشدد؟ هل أنت حنبلي ؟؟فرد بنبرة فيها البراءة من المذهب ان لست حنبليا آبدا فقالت اجل من أي المذاهب انت ؟؟حينها وقفت موقف الفضولي المندهش حينما تلعثم ولم يعرف ماهي المذاهب الأخرى ,هنا ضحكت بصوت عال سمعه من بخارج المحل وحق لها ان تضحك (مع انكاري لفعلتها الخارجة عن الحياء )لكنه موقف مضحك مخزي جعلني أقف طويلا وأتأمل من اين أتت تلك التفرقة العنصرية المذهبية البغيضة؟؟ ومن الذي جعل أمة محمد تفترق وتشتت بسبب اختلاف في سدل اليدين بعد الركوع أو التورك في التشهد الأول لنجعل منها خلافا يدعو للفرقة والسخرية ببعضنا بل وجعل بعض المذاهب عارا يخجل منه بعضهم حتى لو لم يكن يعرف منه الا اسمه لمجرد انه سمع في الإعلام من يرميه بالتشدد وانه سبب لكل بلوى تحل بالامه نحن في الألفية الثالثة وفي عصر النهضة المعلوماتية فلماذا نبقى على جهل قد اندثر قبل قرابة السبعين عاما حينما كان حتى في الحرم منابر لكل مذهب يصلي فيه اتباعه جماعة لوحدهم حتى قيض الله من يزيل تلك الخلافات ويجعلها أمة واحدة تتبع كتاب الله وسنة رسوله وما سواهما فماهي الا اجتهادات واختلافات جعلها الله رحمة بالعالمين ولو كانوا أئمة المذاهب رحمهم الله وجمعنا بهم في الجنة احياء ويرون ماجرى بعدهم لما رضوا بتلك المهالك التي أودت بالبعض الى التكفير والاتهام في العقائد والدخول في النوايا مما سبب تناحر أبناء أمة محمد في وقت هم بأمس الحاجة الى التآلف والتماسك ووحدة الصف (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) ولنلاحظ كلمة جميعا ..كلكم بمختلف أجناسكم وجنسياتكم وأحوالكم ومذاهبكم ونبذ الفرقة والخلاف (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم )العدو يتربص بنا من كل زاوية ونحن مشغولون بالجرح والتعديل فيما بيننا وتوزيع العلماء وطلبة العلم المجتهدون الى جامية وخوارج وأخونجية وأصحاب هوى ومطامع ولا اعلم من الذي بقي على ملة أبينا ابراهيم حنيفا مسلما وما كان من المشركين حتى نستمع الى الحق منه ونتبع سبيل المؤمنين على يديه ياأيها الذين أوتوا العلم أدركونا...أنقذوانا... أرشدونا ....من نصدق؟؟ ولمن نسمع؟؟ ... كلما زرعنا ثقتنا بأحد خرج لنا من يتهمه في عقيدته ومذهبه وكلما أقنعنا أحد في مسألة خرج لنا من يكفره ...نتأرجح بين هؤلاء وأولئك ..وأعلامنا الرخيص يحمل الحطب ويوقد الفتن وينفخ في نار النزاعات ويقتات على زرع الخلافات بين أبناء أمة محمد ألم يأن لأهل الشأن العام أن يشفقوا على أذهاننا من التشتت؟ أو يرحموا عقولنا من الحيرة ؟أم أنه لم يحن الوقت بعد لتوحيد الصف وجمع الكلمة؟ أم انه لايزال في الوقت متسعا حتى نلجم كل بوقا ينعق بكل غثاء يمليه عليه اصحاب المصالح والمطامع الدنيئة؟؟أيها العقلاء ..أيها المسؤولون امام الله ..كما رحمتهم أجسادنا من الموت على الطرقات وقمتم مشكورين بزرع إشارات المرور واللوحات الإرشادية وقمع المتهورين بالساهر نستمطر رحمتكم ونستدر شفقتكم بعقولنا وأفكارنا وسلامة ديننا ومعتقدنا.. نريد نظاما كماهو ساهر يعاقب كل من لا يبالي بمصير الأمة وكل صاحب شهوة ود لو كان الناس كلهم اصحاب شهوة مثله فيكونون سواء ...لن يردع أولئك الا السيطرة على منافذ التهوية التي يتنفس منها أولئك الشرذمة وبتر تلك الأعضاء المتسرطنة حتى تنقذ مايمكن إنقاذه.