من دون استئذان ، يُداهمك صداع رهيب ، يطرق بقوّة الباب ، ثم يدخل كرجل أمن ، يُقلّب محتويات رأسَك .. في تلك اللحظة من الوجع تقف عاجزاً تشك في رأسك ، ثم ينتقل الظّن إلى باقي عائلة جسدك .. الجسد يخون .. يُفاجئك بهشاشته ، بضعفه أما إغواء المرض ، وتصبح بئراً عظيمة خاوية بلا ماء ، وكلما حاولت النجدة لا تسمع سوى صدى صوتك .. لو يستمع المرء إلى صوته الذي يتردَّد ، ويرتد إليه : ( النجدة .. ساعدوني ) ، كأن الصوت يقول له : " انجد نفسك ..لا أحد ينقذك سواك .. أنت قارب نجاتك .. أنت حبل الهروب من كوابيسك ! " أشك حين يعتذر أحدهم لي ، لأن كل اعتذار هو ( مكيدة ) ، حيلة لتأجيل انتقام على حذر ، حتى من هذه الشمس التي تشرق كل يوم ، كأن كل صباح هو مشروع لجريمة ، كالحياة مثلاً ، لا أحد يعيش إلاّ بموت الآخرين .. يحدث كل هذا الظن حيث يوسوس لك المرض ويسيطر عليك ، ويبدأ في غرف كل المياه من داخلك ، على المرء أن يفرغ نفسه من نفسه ليصبح أجوف ، ويسمع قرْع طبوله .. الفراغ الداخلي ضروري لنكتشف صدى صوتنا ، كل هذا الامتلاء .. كل هذا التكديس .. كل هذه الأغراض والأشياء والحوائج ، المتراكمة في داخلك .. ابدأ في تفريغها .. ثمِّة مشاعر هي لزوم ما لا يلزم.. ثمِّة أفكار فائضة عن الحاجة .. ثمِّة أحاسيس متضخّمة متورمة ، كحبل وهمي .. حان وقت التعزيل ، حان وقت التفريغ .. حان وقت التنظيف والجَلي للروح ، لتكن خادماً لها تُعيد إلى النفس بريقها وبياضها بعيداً عن هذا الغبار الذي يتراكم في داخلنا ، كأنها حبَّات رمل ، لتصبح مع العمر صحراء قاحلة جرداء في الداخل .. الشك – في ظني – طريق اليقين ..، أنا أظنّ ، إذن أنا موجود وليس كل ظن إثماً .. على أوتار الليل : .. والشكر لكم وعليكم المستشار القدير أستاذنا عادل بن عبدالله السموم – إني لأشهد بأنك إبداعٌ منقطع النظير والشبيه وقلمٍ ذا نزفٌ راقٍ.. فشكراً بمنتهى الثناء و " التصفيق " ، فقد بذلت فأنجزت فرسمت لوحة مشرفة لنموذج عمل رائع ورائد لا ينقصه التميز والتفرّد ، موصولٌ الشكر لجراّت حبركم وخطوط إنعاشكم الذي لها وقعٌ ندي بخطوات جلية.. الكاتبة الدكتورة الفاضلة نورة بنت مرشد الدليمي – بأسلوبها المتوتر ( توتر) تفكيرنا وتستفزه للمتابعة ، نعم نحن المثقلون بالصور المتلاحقة من التناقضات في عالم صار للكلمة اعتباراً آخر فوق كل اعتبار، وإبنة العم عفواً " دكتورتنا " هي دعوة للسفر إلى داخل الذات للهجرة من المواقف المتوارثة ومرافئ جديدة يدخل إليها القلم.. غازي الدليمي [email protected]