ارتفاع ضغط الدم هو مشكلة صحية خطيرة والسبب الرئيسي للعديد من الوفيات والمرض في جميع أنحاء العالم. حيث أن ما يقرب من 25% من الأشخاص البالغين حول العالم يعانون من إرتفاع ضغط الدم, ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 29% بحلول عام 2025. و ما يقرب من 75% من الأشخاص المصابين بإرتفاع ضغط الدم يعيشون في الدول النامية حيث درجة الوعي بالمرض والحصول على الرعاية الصحية غير كافيتان في بعض الأحيان. ويعد معدل إنتشار إرتفاع ضغط الدم مرتفع في منطقة الشرق الأوسط, ففي دراسة أجريت بمدينة اصفهان بوسط إيران على 12513 شخصا تتراوح أعمارهم بين ال18 عاما وما فوق, وجد أن معدل إنتشار مرض إرتفاع ضغط الدم يختلف بين عدد من سكان المدن والمناطق الحضرية حيث أن معدل الإصابة هو 3.6% في أولئك الذين تقل أعمارهم عن ال30 عاما, يبنما هو 57.3% في أولئك ذوى ال60 عاما أو أكثرمن العمر. أما في المناطق الريفية, كان معدل إنتشارالمرض 5.5% و 52% على التوالي ( فى الفئتين العمريتين). أما في دراسة أخرى طولية الأمد في طهران, شمال إيران,على 4655 من الأشخاص البالغين (بمتوسط عمر 44 عاما) والذين لا يعانون من مرض السكري, ولديهم معدل ضغط دم طبيعي, وليس لديهم أى تاريخ مع أمراض القلب والأوعية الدموية, وجد الباحثون أن معدل حالات إرتفاع ضغط الدم هو29.3 لكل 999 امرأة سنويا, و 30.9 لكل 999 رجل سنويا. و في دراسة مستعرضة بالمملكة العربية السعودية, تبين إرتفاع ضغط الدم في ربع عدد الأشخاص البالغين المشاركين بالدراسة والذى كان عددهم 4757 شخصا. ويعتقد أن إرتفاع معدل أنتشار مرض إرتفاع ضغط الدم في منطقة الشرق الأوسط يعزى إلى عدة عوامل منها طول العمر, ومكافحة الأمراض المعدية, والأنماط الحياتية الخاملة, والتغييرات في العادات الغذائية, والضغط الاجتماعي (على سبيل المثال:كثرة الإنشغال اليومي, والإزدحام فى حركة المرور والتلوث الناجمين عن التحضر). يعتبر الخمول و إنخفاض مستويات النشاط البدني, وكذلك تناول كميات كبيرة من السعرات الحرارية فى الطعام, وأيضا الأكثار من تناول الوجبات الغذائية عالية الدهون وقليلة الألياف, وزيادة تواتر حالات البدانة والسمنة, من أهم العوامل الى تزيد من خطر الإصابة بمرض إرتفاع ضغط الدم. و هذه التغييرات أكثر وضوحا في المناطق الحضرية منها في المناطق الريفية بالدول النامية. إدارة وعلاج مرض إرتفاع ضغط الدم في منطقة الشرق الأوسط أثبتت تواضعها من خلال إنخفاض مستوى الوعي لدى المرضى حول مرضهم. ففي دراسة وطنية تمت فى إيران على 64693 شخصا, تم علاج 36% فقط من المرضى المصابين بإرتفاع ضغط الدم. بينما في الدراسة المستعرضة المذكورة سابقا والتى أجريت بالمملكة العربية السعودية, كانت نسبة 45% فقط من الأشخاص كانوا على دراية بمرضهم, ونسبة 72% من أولئك الذين كانوا على علم بمرضهم تم علاجهم فعليا, و37% فقط تم السيطرة على إرتفاع ضغط الدم الخاصة بهم. ومع ذلك, فإن كثير من الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض يرفضون قبول واقع أن هذا المرض يمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة - القاتل الصامت - . و ترتبط حالات إرتفاع ضغط الدم الخبيث وأزمات إرتفاع ضغط الدم بوجود علامات وأعراض شديدة, فى حين أن درجات وحالات أقل من إرتفاع ضغط الدم - و على الرغم من خطورتها - إلا أنها غالبا ما لا ترتبط بوجود علامات أو أعراض محددة مقارنة بالأمراض الأخرى الشائعة . وعلاوة على ذلك, فإن فوائد علاج إرتفاع ضغط الدم قد لا تكون ملحوظة بالنسبة للمرضى, في حين أن الآثار الجانبية للأدوية يمكن أن تكون مزعجة لهم. ولذلك, فإن الأشخاص المصابين بإرتفاع ضغط الدم هم أقل قدرة على قبول التشخيص والعلاج مقارنة مع الذي يعانون من أمراض أخرى. ويرتبط إرتفاع ضغط الدم مع إختلال عمل الكلى, وإعتلال الشبكية, وكذلك أمراض القلب الوعائية والدماغية, ومرض السكري. ففي دراسة تمت بالعراق, كان أيضا ما يقرب من 90% من 5578 شخصا عراقيا يعانون من داء السكري بالإضافة إلى مرض إرتفاع ضغط الدم. إرتفاع ضغط الدم ومرض السكري يعتبران من أهم العوامل التى تزيد من فرص الإصابة بأمراض القلب التاجية وأمراض الكلى. ففي دراسة أجريت على 84 من المرضى الفلسطينيين الذين يعانون من الفشل الكلوي المزمن, كان داء السكري (ب 33%) وإرتفاع ضغط الدم (ب17%) إثنين من أهم أسباب الفشل الكلوي المزمن في محافظة جنين بالاراضي الفلسطينية المحتلة. إرتفاع ضغط الدم والسكري يعتبران من الأمراض المتآزرة, حيث يزيد كل منها من سوء الأخر مما يزيد من سوء نتائج المرضى. لذلك, فإن المراقبة الدقيقة لضغط الدم هى من الأهميات القصوى عند علاج المرضى الذين يعانون من الأمراض الأخرى المصاحبة لإرتفاع ضغط الدم. ولأجل كل ما سلف ذكره من الأسباب, فإن أفضل نهج لعلاج مرض إرتفاع ضغط الدم هو وضع برنامج وطني للوقاية من هذا المرض والكشف المبكر عنه, للسيطرة عليه. وكذلك ينبغي إيلاء المزيد من الإهتمام لتثقيف ورفع مستوى الوعي الصحى لدى الأشخاص حول هذا المرض وعوامل الخطر لأنماط الحياة المهيئة لحدوثه . وينبغي أن يكون تعديل نمط الحياة إلى اسلوب صحى هو الخطوة الأولى لعلاج المرضى الذين يعانون من إرتفاع ضغط الدم الخفيف. و على الرغم من أن هذه التعديلات وحدها قد لا تستطيع السيطرة على إرتفاع ضغط الدم بصورة كافية, إلا أنها تقلل من عدد وجرعات الأدوية المستخدمة. يعتبر نظام "بى هيرفز" - نظام الرعاية الصحية الأولية - والذى أثبت فاعليته في المناطق الريفية من إيران على مدى عقود, هو واحد من الأنظمة الواعدة, حيث أنه يعتمد على إستخدام التعليم والمراقبة الدورية, وإكتشاف الحالات الجديدة مبكرا, ومتابعة المرضى من أجل السيطرة على العديد من الأمراض الغير المعدية مثل مرض السكري ومرض إرتفاع ضغط الدم. لذلك فإنه يجب على الكثير من الدول الأخرى بمنطقة الشرق الأوسط أن تحذو حذو إيران, وأن تطور نظام رعاية صحية أولية مماثل لنظام "بى هيرفز" لتحسين مكافحة وعلاج الأمراض الغير معدية. د. عبد العزيز اللبدي