صالح خرج من وظيفته بوسط الرياض وساعة ميدان القاهرة تشير إلى الثانية والربع ظهراً ودرجة الحرارة قاربت الخمسين.....الدنيا زحمة...ساهر لم يزل مستيقظاً جاحظ العينين...سيارة سوداء تتجاوز صفوف السيارات الممتدة لآلاف الأمتار منطلقة خلف سيارة الإسعاف ...صالح لا يجد بداً من ملاحقتهما...فلا طريقة أجدى منها للوصول سريعا (بحسب نظرهم) .... صالح يتصل بصديقه عادل مبادراً إياه بقوله: لو كنت صاحب قرار بالمرور لفعلت كذا وكذا...قال صديقه أما أنا فكم تمنيت بأن أكون صاحب قرار بوزارة الإعلام...ماذا ستفعل يا عادل؟؟ سوف أغلق كل قناة للشعر تؤجج المشاعر وتذكي العنصرية القبلية المنتنة....وصل صالح ثم عادل حيث يسكنان... يا عادل فماذا لو كنت وزيراً للصحة؟........قال لا لا لا لا المهمة صعبة والشق أكبر من الرقعة...فكيف افتتح مستشفى في طريب وأنا لم أجرأ إلا أن افتتح مستوصفاً وحيداً منذ عقود؟ عادل فماذا لو قَدّر لك بأن تكون وزيراً تعليمياً؟ بدأ عادل مرتبكاً .....ثم ما لبث أن جلس القرفصاء وتنهّد بصوت عال......بلا شك سآمر بفتح كليتان تعليميتان لأبناء وبنات طريب فهم يستحقون أكثر من ذلك...ألا تعلم يا صالح كم يعانين بناتنا يوميا وعلى مدار سنين طويلة....هل تعلم بأنهن يستيقظن في الثالثة صباحاً استعدادا لرحلة الشتاء والصيف كل يوم؟؟؟ هل تعلم يا صالح بأن فتيات طريب الماجدات يدعين دعاء السفر غدوة وروحه؟؟ صالح كم تدفع كل شريفة ونورة وعائشة لقاء توصيلها لكليتها؟؟500؟ 1000؟ 1500؟ لا أعلم صالح ألم يكن الأجدى على الأقل أن ندعي لهن بأن يحميهن الله من خطر ذلك الطريق المميت؟؟ يا أخي يبدو أنك لا تفهم طريقة التربية والتعليم لدينا......قالها صالح ضاحكاً.... أضحكني معك أيها المتفائل........... صالح: يا أخي لقد كان قدرهن كذلك لكي تتعلمن الصبر على الشدائد (فهذا تربية) ، ولقد كان نصيبهن كذلك كي يتدربن على البعد عن الأهل.... وكيف يبعدن عن أهلهن؟؟ أهو زواج؟...لا..... وفاة؟؟ لا لا لا يا صاحبي بل تعيين وراء الشمس في المدرسة الثالثة بعد المليون ضمن نطاق إدارة التربية التعليم بكوكب زحل...... أين صالح؟ عادل؟ أين أمنياتهما؟؟ خرافاتهما؟؟ آه......كان حلم حالم....فلله الحمد بأن جعلنا نحقق في أحلامنا مالا نستطيع فعله في يقظتنا... فطالما نحن في دول العالم النامي لا نملك سوى الأحلام فقد قررت أن احلم بأن أكون صانع قرار محترف أي سوف اصنع القرار تلو القرار في جميع المجالات ولمدة قيلولتي القصيرة....... ولمزيد من الأحلام سوف أوافيكم بها حال حدوثها.... م/ محمد بن غانم بن عبدالله العابسي