الحديث عن الذكريات الرياضية أو الذكريات الإعلامية هو حديث عن تاريخ دون بعضه وأهمل كثير منه ربما لأننا أمة لا تهتم بالتاريخ والتوثيق إلا في حدود ضيقة جداً ومن خلال أشخاص يعدون على الأصابع وهذه إشكالية تضع التوثيق التاريخي في مأزق وتعرضه للضياع وتساهم في أن يتلاعب ضعاف الأنفس ممن لهم حضور إعلامي في وقائعه وأحداثه حيث يتم إلغاء أحداث وقعت وتدوين أحداث لم تقع .. هذه تنسب لأندية ولاعبين معينين .. وتلك تغيب .. ويحاول البعض أن يلغيها تماماً . وحدث من هذا كثير عايشت بعضها ووقفت على بعضها وسوف أذكر لكم في حلقات قادمات نماذج من تلك المحاولات التي حاول البعض إسقاطها من التاريخ ونسبها إلى آخرين . ولعل المصادفة جعلتني أقف في الثمانينات ميلادية على محاولة بعض المؤرخين وضع معلومة تاريخية (بصفته مؤرخ) بأن نسب هدفاً تاريخيا سجل باسم اللاعب سمير سلطان مهاجم الهلال والمنتخب سابقاً في منتخب سوريا في مباراة افتتاح ملعب جدة سابقاً ( ملعب الأمير عبد الله الفيصل حالياً ) إلى اللاعب عيسى حمدان والذي كان مهاجما في فريق نادي النهضة قبل أن ينضم لنادي الاتحاد. المباراة كانت بين المنتخب السعودي لكرة القدم والمنتخب السوري في تاريخ 20-11-1967 وهي أول مباراة افتتاحيه في ملعب جده بمناسبة افتتاح الملعب وقد انتهت المباراة 2-0 لصالح المنتخب السعودي سجل الأهداف سمير سلطان في الشوط الأول وسجل سعود جاسم مهاجم القادسية والمنتخب الهدف الثاني في الشوط الثاني من انفراد بعد تمريره من الظهير بالخير سويلك لاعب نادى احد وذلك في تصفيات كأس العالم لكرة القدم وبذلك يكون سمير سلطان صاحب أول هدف سعودي في تصفيات كأس العالم . الذي حدث أن صديقنا المؤرخ وهو مؤرخ له حضوره في هذا المجال ووثق الكثير من الأحداث التاريخية سواء عن طريق الصحف أو المؤلفات والكتب التاريخية .. أرسل لي هذا الصديق مادة تاريخية عن مشوار المنتخب السعودي لكرة القدم ونتائجه وذلك لنشرها في ملحق جريدة الندوة الرياضي وذلك لتزامن النشر مع حدث تاريخي وهو مشاركة المنتخب في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1404ه وكنت حينها نائباً لرئيس القسم الرياضي في جريدة الندوة ومعني بهذا الملحق الرياضي الخاص بتلك المناسبة . وقد لاحظت أن اسم اللاعب سمير سلطان الذي سجل أول هدف تاريخي دولي للمنتخب وأول هدف دولي على ملعب جدة لم يكن موجوداً وإنما نسب الهدف إلى اللاعب عيسى حمدان وللعلم فالمؤرخ حبيبنا (اتحادي) وكما ذكرت للرجل جهود مشكورة في رصد وتوثيق التاريخ ولكن لابد من الإشارة إلى بعض الأخطاء التاريخية حتى وإن حدثت ممن نحب . وجدت اسم اللاعب عيسى حمدان وكان حينها لاعباً اتحادياً ( أي في فترة الثمانينات ).. فسألته بكل عفوية: أليس الذي سجل الهدف الدولي الأول على هذا الملعب مهاجم المنتخب ولاعب الهلال سمير سلطان ؟ فأجاب: الذي سجل الهدف عيسى حمدان وليس سمير سلطان.. وكانت حينها المعلومة من الصعب الحصول عليها إذ تحتاج أيام لتجدها هذا إذا كانت قريبة التاريخ أما إذا مرت عليها سنوات فمن الصعب إيجادها حيث لا يوجد معلومة رقمية ولا انترنت ولا يوتيوب ولا وسيلة تجد فيها المعلومة التاريخية ليس في الرياضة فحسب وإنما في كافة مناحي الحياة ..وفي الرياضة بشكل أسوأ . فقلت له: أخي العزيز أنا متأكد من أن سمير سلطان هو من سجل الهدف إذ لا يمكن أن يغيب عن ذاكرتي ..كما لا يمكن أن يغيب عن ذاكرتي أول هدف اولمبي سعودي في اولمبياد لوس انجلوس سجله ماجد عبد الله في منتخب البرازيل كما لا يمكن أن يغيب عن ذاكرتي أول هدف سجل في أستاد الملك فهد لدى افتتاحه للاعب الدولي فهد الهريفي في مرمى المنتخب العماني كما لا يمكنني أن أنسى هدف فؤاد أنور كأول هدف لمنتخب المملكة في كاس العالم في مرمى هولندا . لنعد إلى قصتنا مع هدف سمير سلطان .. كررت السؤال على صاحبي المؤرخ هل أنت متأكد؟ أجاب نعم .. فقلت له لن أنشر الموضوع أبداً إلا إذا تم تغيير أسم المهاجم إلى سمير سلطان .. فقال لي: هذه ليست مسؤوليتك! .. فقلت له : مسؤولية من إذا كنت متأكد أنك مخطئ وأنا أساهم في تزوير التاريخ الرياضي .. وأستطيع في حدود إمكاناتي أن أمنعه .. وفعلاً أوقفت النشر يوماً فقام بالاتصال برئيس القسم الرياضي آنذاك الأستاذ فوزي خياط شاكياً إياي محتداً .. فأتصل بي الأستاذ فوزي فأخبرته بأنني اتصلت بالأستاذ فهد بن نصيب مدير إدارة الإعلام والنشر في الرئاسة العامة لرعاية الشباب في ذلك التاريخ وطلبت منه رسميا ما يثبت أسماء اللاعبين الذين سجلا الأهداف . وفي اليوم التالي جاءني تقرير رسمي من إدارة الإعلام والنشر عن مباراة افتتاح ملعب جدة وأسماء اللاعبين الذين سجلا الأهداف 2/ صفر وهما سمير سلطان الهدف الأول وسعود جاسم الهدف الثاني . حينها اتصل الأستاذ فوزي خياط بالزميل المؤرخ وواجهه بالتقرير الرسمي للحدث الرياضي من الجهة الرسمية في الدولة .. وأنه ( أي المؤرخ) مخطئ.. وسأله الأستاذ فوزي خياط سؤالاً آخر : هذه المعلومة التاريخية الحقيقية سوف ننشرها بشكلها الصحيح ..فما رأيك.. وهل كنت كمؤرخ تعرف هذه المعلومة أم غابت عليك .. فأجاب المؤرخ ضاحكاً : يا أستاذ فوزي وماذا يعني أن نغير شوية في التاريخ .. الناس تنسى ويبقى التاريخ المكتوب للأجيال القادمة.. لقد صعقت هذه الإجابة الأستاذ فوزي وأصابتني بالصدمة أن يكون هناك من يحاول تزوير التاريخ خاصة إذا كان يستطيع أن يمرر هذا التاريخ المزور من خلال قنوات إعلامية فاعلة إلى المجتمع والقراء والمتلقين.. وبصراحة فقد تم في فترة ما قبل الانترنت واليوتيوب محاولات رهيبة مستميتة لطمس أحداث تاريخية حاسمة للرياضة السعودية بسبب الألوان التي تغشى العيون والقلوب وقد أدت هذه المحاولات إلى ضياع تاريخ ذهبي ثري كان ممكن أن يضيف لتاريخ المملكة إنجازات عالمية لو اعتنينا به وقدمناه للعالم كمنجز سعودي لا أن نقدمه كمشجعين لا يرضيهم أن يتحقق هذا الإنجاز للبلد إذا كان من النادي الفلاني أو من اللاعب العلاني وهذا النموذج مثال بسيط لكم كبير من إغفال أو إهمال أو طمس حقائق تاريخية أو محاولة نسبها للآخرين لمجرد عمى الألوان ولي عودة معكم .. آخر لفة : وتأكيد لما ذكرت إن هناك من يحاول تشويه وإلغاء الحقائق حتى يومنا هذا ولكن من الصعب إلغائها او طمسها في زمن ثورة الاتصالات والتقنية الحديثة واليوتيوب .. فقد لا حظنا أن بعض يحاول بطريقة وبأخرى أو بأعذار واهية لم تنطل ِ ولا تنطل ِ على أحد .. أن يؤكد إنَ عدد جمهور مباراة النصر وبختاكور في أستاد الملك فهد ( 4034) في حين إن نظرة واحدة لأقل الناس وعيا وإدراكا تقول إن الجمهور لا يقل عن ( 18 ) ألف إن لم يزد عن ذلك . ورغم محاولات بعض النقاد سؤال أحد المختصين في هذا المجال إلا أن التبريرات جاءت غريبة وبعيدة عن الأسئلة التي طرحت عليه . كان السؤال : هل هذا العدد من الجمهور الذي أمامك 4034 مشجعا ؟ الإجابة : عودوا لها في اليوتيوب تجدوا إجابات لا علاقة لها بالسؤال . وقد تم إعادة السؤال أكثر من مرة والإجابة كانت تخرج عن إطار السؤال إلى إصلاح وطموحات مستقبلية في ضبط هذه المسألة . ولن أعيد السؤال للمرة الألف فلن تكون هناك إجابة . ولكني ومن واقع إجابة الأستاذ المسئول أو المختص والذي ذكر انه سيتم معالجة هذه الإشكالية مستقبلا .. ولا ادري متى ..! أقول له إننا في اولمبياد لوس انجلوس عام 84 أي قبل 27 عاما تقريبا حاولنا أن ندخل كإعلاميين بالبطاقات الضخمة التي على صدورنا من الأبواب الرسمية .. فقالوا لنا انتم لكم مدخل آخر .. لأن هذه المداخل الأخرى الخاصة بالجمهور يتم احتساب عدد الجماهير من خلالها إذا أن هناك بوابات تسجل عدد المشجعين .. ووجدنا انه يتم احتساب عدد الإعلاميين والضيوف أيضا بطريقة علمية تنظيمية محكمة . كان ذلك قبل 27 سنة أي إن التقنية والتجهيزات الفنية والالكترونية اقل تطورا من الآن ب 27 عاما .. ومع ذلك تم رصد عدد الجمهور بشكل منظم وسهل وسلس. أفهل بعد أكثر من ربع قرن من مثل هذا التنظيم .. نجئ اليوم ونقول إننا نتحرك لعمل تنظيم يرصد عدد جماهير الملاعب والمباريات في عام 2011م ..؟ وهل سنبدأ من بدايات 27 سنة ماضية ..؟ أم سنبدأ من حيث انتهى الآخرون؟ إنني أوجه سؤالا أخيرا للمختصين .. لماذا تهولون الأمور التنظيمية السهلة جدا التي عفا عليها الزمن وتحاولون إن تقنعونا إنها شيئا جديدا ؟! أطرح هذا السؤال .. ولن انتظر الإجابات .. فالإجابات يمكن أن نستقيها من رغبتنا بإنجاز أي عمل متى ما أردنا ..في الوقت الذي نريد .. لا بعد 50 عاما