يُعتبر الاتصال الإنساني فِطرة فطَر الله عليها البشرية منذ نشأتها الأولى, فقد كان التكليف الأول هو البلاغ و البيان و التوضيح و الإفهام ضمن علاقات تقوم ما بين فئات المجتمع أفراداً وجماعات وأمماً , حتى تطورت هذه العلاقات إلى مجموعة من العلوم و التجارب و المعارف و التعارف, و أصبح الإعلام وسيلة ينقل العلوم و المعارف و التجارب ما بين فئات المجتمعات و الأمم و الشعوب عن طريق المشافهة أو البصر أو السمع , أو إدراك الحواس لوسائل الإعلام المختلفة كالمرئي أو المرئي المسموع أو المسموع و غيرها . و إن لوسائل الإعلام دورا رائدا و عظيما في توجيه المجتمعات الإسلامية , و حفظ الشباب المسلم من التيارات الجارفة و الأفكار المنحرفة , و الآراء المتضاربة لا سيما أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات خطيرة , و تسير بمنعطفات كثيرة , فنحن اليوم نعيش في عصرت تكثر فيه الفتن و الشبهات , عصر انفتح العالم بعضه على بعض عن طريق الاتصالات الحديثة و المواصلات , فأصبح كالقرية الصغيرة , فامتزجت ثقافات بثقافات , و اختلطت حضارات و قيم مع حضارات , لذلك ينبغي على المجتمعات الإسلامية أن تواجه تحديات العصر , و تحفظ نفسها وشبابها عن طريق الإعلام الواعي و الهادف و التربوي و القائم على مبادئ الدين القويم , و يكون من يشرف عليه من العلماء و طلبة العلم , لديهم معرفة بعلوم الشرع , و يملكون أساليب تربوية في الحوار و التعامل مع الآخرين ما بين الموعظة و النصح و التوجيه و الإرشاد , و التذكير بوعد الله و وعيده , فالكلمة الطيبة الصادقة أساس في الإعلام الهادف , وقد حث عليها الدين الإسلامي، لما لها من الدور العظيم في التأثير في الآخرين، وكسب ودهم ومشاعرهم، وكسب تقديرهم واحترامهم , و الإنسان مسؤول أمام الله عن جوارحه و منها : اللسان قال تعالى : ( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) 8 1 , ق , و قال صلى الله عليه وسلم : (إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى يوم القيامة ) فالإعلام الجيد هو الذي يعتمد على الكلمة الطيبة الهادفة التي تقوم على مبادئ الدين و الأساليب التربوية لما لها من الأثر البالغ في توجيه سلوك هؤلاء الناس على اختلاف مشاعرهم، وتباين طبقاتهم، فمتى أحبك الناس عن طريق الكلمة الطيبة، أو المعاملة الحسنة قبلوا هذه الكلمة، وأخذوا بهذه النصيحة ، وقد تكون الكلمة سيئة , فتحمل صاحبها الآثام , و تجعله موصوفاً بالأخلاق الرديئة مكروهاً من الجميع، وقد تجر صاحبها إلى المهالك، فاللسان قد يكون آفة على الإنسان، وذلك إذا جانب الصواب، ووظف في الشر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب ) رواه البخاري. , لذلك ينبغي للمسلم أن يكون قدوة حسنة، ومربياً فاضلاً يحرص على تهذيب أخلاقه قبل الآخرين، و يوجه الآخرين توجيهاً سليماً عن طريق الكلمة الطيبة ، ويراقب الله في أقواله ومقالاته وتصرفاته، فالكلمة إذا لم ينطق بها الإنسان فهي ملك له ، وإن نطق بها أصبحت ملكاً للجميع.