كان الفساد الصحفي في السابق كائن ليلي ، يخاف من الشمس، أما الآن فإنه قد هادن الشمس وأصبح يستمد من أشعتها نشاطه ووقود إصراره على البقاء، ومنذ مدة ورغبة جامحة ترادوني عن كسلي في أن أصبح صحفي فاسد يشار إليه بالبنان، هذه الرغبة تراودني عن ضميري لولا أني أعلم أن مسألة الضمير هنا مسألة نسبية لا يُعتد بها كثيراً، ولكن ومع شعوري بأني لن أنجح ربما في هذه المهمة النبيلة التي أنتدب نفسي لها، إلا أني أطمع في شرف المحاولة ونيل المزيد من الشهرة والأضواء، والأمر هنا يحتاج إلى جَلد وصبر .. كما قال لي أحدهم : عليك أن تسقي طموحك من ماء وجهك لأن عرق الجبين النابع من الضمير مالح لا يصلح لسقيا الطموح، وقال لي أيضاً أن الذكاء شرط اساسي، وهنا أجد صعوبة في تخيل أن لدي مثل هذه الموهبة، إذ لا يمكن أن أكون ذكياً بما يكفي وأنا الذي لم أفهم لمدة تزيد عن العشرين عاماً أن القبول في الدنيا والآخرة ليس له شروط إلاّ ما دار في فلك "لا تدخن وقصر ثوبك وأطل لحيتك" ما عدا ذلك فأنت حر فيما تقول وتكتب .. ومن باب الانصاف فلم يقل أحد مثل هذا الأمر صراحة، ولكنه يأتي أحياناً تلميحاً لا يفهمه إلا الأذكياء الذين لا أنتمي لهم .. فها أنا أتحدث عن الإنصاف، وهذا يعني أني لازلت أجد صعوبة في التأقلم مع وضعي الجديد الذي أريد أن أكونه .. اغراء الجماهير بتعاطي الأوهام بالنسبة لي يندرج تحت بند السهل الممتنع، فإعادة تدوير الكلمات لتبدو لهم وكأنها تُكتب لأول مرة يساعد في المضي دون عقبات في هذا الطريق، ولكني أخشى أن يأتي اليوم الذي أفشل فيه في تصريف بضاعتي وحينها أجد نفسي غارقاً في ماء وجهي الذي لا ينضب ولا يعود من حيث أتى .. فأنتهي وقد خسرت كل شيء. منيف الخشيبان Twitter@munif_kh