فرحة السعوديين بانتصار منتخب بلادهم على منافسه الإماراتي كانت كبيرة في تصفيات المونديال وكأس الأمم، لم تكن فرحة بالنقاط الثلاث والقبض بيدٍ حديدية على صدارة المجموعة بالعلامة الكاملة فحسب، بل هي فرحة انبعاث الأمل بعودة "الأخضر" لعنفوانه منتخبا ثقيلا، يسيطر وسطه على أجواء المقابلة، ويهاجم بطرق مختلفة، لا يستسلم لخسارة، ويقاتل نجومه حتى آخر رمق، حتى وشباكه تستقبل هدفا من كرة ثابتة ومن مسافة بعيدة، بدا للمتابع أن السعودي بإمكانه العودة في ظل تفوقه، والفرصة التي أتيحت لمهاجميه. ربما لا يكون إطلاق "نقلة نوعية" على فريق كرة قدم من خلال مباراة واحدة فقط أمرا منطقيا، كثيرون ربما ركزوا على الحضور الضعيف للإماراتي في جدة ورأوا تسبب هبوط مستوى نجومه بقيادة عمر عبدالرحمن "عموري" في فوز منتخبنا، وفي هذا إجحاف كبير، غياب نجوم الإمارات عن مستواهم ما كان ليحدث لولا القراءة الجيدة للهولندي بيرت فان مارفيك لنقاط القوة واتخاذه الأساليب المناسبة لتحييد خطورتها، كان لافتا نجاح لاعبي الوسط في تنفيذ المهمات الدفاعية المنوطة بهم، شعرنا أن مارفيك ونجوم المنتخب يعملون سويا منذ أشهر عدة، وخاضوا بطولات مختلفة، فرحنا بنجاح المدرب في أول اختبار قوي بدأت تتضح فيه أساليب اللعب وقناعاته في التشكيل، والعمل الممتاز من الناحية الفنية واللياقية والاستفادة من بدلاء مقاعد الاحتياط، وهو ما اتضح في الزمن الأخير الذي حسمت من خلاله المواجهة. أنا متفائل جدا بمستقبل المنتخب السعودي نظير تجاوزه معضلة تأخر التعاقد مع الجهاز الفني بعد انتصارات متوالية، يدعم ذلك تطور لافت في الأداء توجه بهزيمة أقوى فريق خليجي في الاعوام الأخيرة، نحن أمام مرحلة نرى من خلالها بوارق أمل حقيقية لعودة مظفرة ل "الصقور الخضر" لاسترداد الهيبة الآسيوية المفقودة، والحضور الدولي الذي غاب طويلا بغياب مقومات الفرق الكبيرة. تحدثنا في مرات سابقة عن أهمية اختيار اللاعب الأنسب، استاءت الجماهير الرياضية كثيرا من طغيان المجاملات عند اختيار قوائم المنتخب، يبدو أننا مع الهولندي نسير نحو خطوات جيدة في هذا المجال، مارفيك يختار عناصره بعناية فائقة، بناء على الجاهزية والأفضلية والمناسبة لتنفيذ ما يريد، ولذلك تألق المهاجم القناص محمد السهلاوي ليحرز هدفي الفوز، وأبدع طلال الخيبري وسلمان الفرج في المهمات الخاصة، وكان لاعب الوسط نواف العابد بديلا ناجحا بكل المقاييس. المنتخب السعودي يحقق الانتصارات، وهذه وحدها خير داعم لمعنويات منسوبيه، وضامن للعمل في هدوء بعيدا عن ضجيج الانتقادات السلبية، ومهاجمة اللاعبين في كل مناسبة، ومطالبة المدربين بالرحيل مع أي تعثر، أما الدعم الأكبر فننتظره من الجماهير المحبة للمنتخب والمتلهفة لعودته بطلا لآسيا، وكذلك من الإعلام والبرامج الرياضية التي شاركت في الاحتفال بالفوز، بعد أن أثار بعضها زوبعة تهدم ولا تبني، قبل المواجهة بأيام نجح نجومنا في تجاوزها على طريقة الكبار.