لا يمكن لأيّ متابعٍ رياضيٍّ يتصفّح الصحف بشكلٍ يوميٍّ، ولو على عجلٍ، ولا يتوقف عند بعض العناوين المهمة، والتي تكون أحياناً ذات طابعٍ غريبٍ، ففي صحف هذا الأسبوع لمن يعي أهمية التاريخ والتضحية، ولديه إحساسٌ بمعنى الظلم الحقيقي، يجب أن يتوقف أمام خبر (كوارثي) في طرحه، وقاسٍ في نشره، وحزينٍ في مضمونه، وهذا الخبر يتعلق بالأسطورة (محمد نور) أحد أهم الأسماء التي مرّت على الكرة السعودية بشكلٍ عامٍّ، والاتحاد بشكلٍ خاصٍّ، بل هو من صنع (هيبة) الاتحاد. فحوى الخبر يا سادة يا كرام تحويل الأسطورة (محمد نور) للتدريب مع الفريق الأولمبي في الاتحاد..!! وقد يقول البعض ممن أرهقتهم الحياة، وأنستهم تاريخ (نور): ليس في الأمر سوء…!! إن اللاعب أخطأ، وكان يجب أن يعاقب حتى يعمّ الانضباط في الفريق بمثل هذا القرار، ولا اختلف معه، لكن مَن يعرف تاريخ (نور) ويتذكره جيداً مع الاتحاد لن يقبل، وسيشتاط غضباً من أجله. فالحقيقة الغائبة على مَن اتخذ هذا القرار ووافق عليه، إن هذا القرار يدخل ضمن مفاهيم نكران الجميل، وقد يكون له مردودٌ عكسيٌّ على الفئة التي طُلب من (نور) أن يتدرب معها؛ لأن أقلّهم إدراكاً وإحساساً سيتساءل: هل بهذه الطريقة تكافئون التاريخ؟ هل يستحقّ مَن خدم الاتحاد طوال العشرين عام الماضية هذا القرار؟ ماذا ستنتظر إدارة الاتحاد من هؤلاء النشء؟. بالتأكيد، لن يكون الجواب لا وفاء ولا تضحية، فهم مَن قتل هذا الخصلة النبيلة في نفوسهم بجحودهم لقائدهم ومعلمهم (نور)..!! فلو أن إدارة الاتحاد قبل أن تطلب من الأسطورة (محمد نور) أن يتدرب مع الفريق الأولمبي فتحت (دولاب) الكؤوس، وتذكرت كلّ مناسباتها، وما صنعه (محمد نور) من أجل أن تدخل تلك البطولات تلك الخزينة لتريثت قبل أن تجرح مشاعر هذا الأسطورة بقرارٍ كهذا…!! ومهما كان خطأ (نور)، وهو في هذه الفترة التي تُعتبر المنعطف الأخير له قبل إعلان اعتزاله، كان من اللائق به وبتاريخه أن تكون لغة التحاور والتعاطي معه أفضل وأرقى مما حدث، ويمكن تطبيق أي عقوبةٍ تحفظ للطرفين حقّهم في قيمتهم، فعلى سبيل المثال: كان من الممكن الاكتفاء بالخصم عليه من مرتّبه، ومن ثم الجلوس معه ومناقشته وإعادته للفريق، مع شرحٍ مفصّلٍ للمدرب عن مسيرة (نور) وتاريخه في الاتحاد، وإنه أحد أهم رموز النادي منذ تأسيسه، لكن يبدو أن إدارة الاتحاد تريد أن تبعد (نور) دون أن يكون لها أيّ دورٍ في ذلك، بحيث يصبح الأمر واضحاً للجمهور أنه قرار مدربٍ، وفي الخفاء هي تبارك هذا القرار، وتناست أن الاتحاد ونجومه كفيلان بصناعة أي مدربٍ، ولا أظنّ أهمية هذا المدرب توازي أهمية هذا القائد الأسطوري…!! كان من الطبيعي وكما يحدث مع أي نجمٍ (استثنائي)، أمضى سنواتٍ طويلةً في خدمة فريقه مقرونةً بالنتائج المبهرة أن يخرج من الباب الكبير، بتكريمٍ يليق بكلّ مسيرته الرياضية، لا أن يمارس ضدّه كلّ الضغوطات وأساليب التطفيش حتى يعلن اعتزاله مجبراً. يا إدارة الاتحاد (محمد نور) يريد أن يختم مشواره الكروي بإنجازٍ مع عشيقه الاتحاد، يودّع بعدها الملاعب وهو يحمل الرقم الصعب في مسيرة الاتحاد، فهل هذا كثيرٌ على مثله؟. أمام إدارة الاتحاد فرصةٌ لإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي، والوقوف مع (نور) بشكلٍ فعليٍّ، وذلك بردّ اعتباره، وعودته إلى الفريق بشكلٍ عاجلٍ، مع مخاطبة الجمهور الاتحادي بالتكفّل بمهرجان اعتزالٍ يليق ب (نور) متى ما قرر الاعتزال، وبهذا التصرّف تكون إدارة الاتحاد ضربت عدة عصافيرٍ بحجرٍ واحدٍ، وأعادت الأمور إلى نصابها، ورسّخت مفهوم الوفاء لدى النشء، وكسبت روح جمهور الاتحاد الذي كان من الممكن أن ينقسم بين الكيان والنجم الأسطوري. ودمتم بخير،،، سلطان الزايدي تويتر@zaidi161