بعد اللقاء الجميل الذي قدَّمه تركي العجمة مع الأسطورة محمد نور، اتضح لي أنَّ نور يمرُّ بأزمةٍ حقيقيةٍ، لم يسبق وأن مرَّ بها طوال مسيرته الرياضيَّة، وقد تكون أكثر تأثيراً في حياته الرياضية، وربَّما يتجاوز تأثيرها النفسي تلك الأزمة التي صاحبت إبعاده عن الاتحاد، وهذه الأزمة تتمثَّل في صعوبة القرار المنتظر من (نور)، لما يصاحبها من حيرةٍ وقدرةٍ على الاختيار بين عشقه وبيته الأول الاتحاد والنصر الذي يكنُّ له كلَّ حبٍّ وتقديرٍ ووفاءٍ، لما حظي به من استقبالٍ وترحيبٍ واهتمامٍ من قبل الجميع وبدون استثناء. (نور) اليوم غير (نور) الأمس في كل شيء وهذه حقيقة لا ينكرها (نور) نفسه ،ويصعب عليه ان يقف موقف كهذا، لا يدري فيه الى اين يوجه بوصلته، وكأنهم يخيرونه ان يتنازل عن احدى عينيه، ويحتار بينهما ،هل يتنازل عن اليمنى أم اليسرى، الوضع لمثله وبقيمته وتاريخه صعب، وقد يزداد صعوبة عند لحظة اعلان القرار، لكنني أومن جيدا ان توقف (نور) في هذا التوقيت عن اللعب قرار غير سليم، حتى وإن كان سبب هذا القرار الخروج من مأزق الاختيار أو التفضيل، فإعلان الاعتزال ليس حلا وقد يكون غير مقبول عند الجماهير ،لأن في هذا ظلم له ولموهبته وللنادي الذي سيخوض معه ما تبقى من مسيرته الرياضية ،سواء مع النصر او الاتحاد، ولو أن القرار بيدي أو لي من الامر شيئا لهمست في اذن هذا الاسطورة وقلت له اذهب الى النصر ولا تتردد، فالنصر اليوم غير الأمس، و(نور) اليوم غير (نور) الأمس، فنور يعشق الانجازات والبطولات، واوضاع الاتحاد الآن لا تشجع على قبول أي عرض، ووفائك للاتحاد يعلمه القاصي والداني، لكن الاتحاد من قال لك أذهب فلم نعد في حاجتك وهذا زمن الاحتراف لا الولاء والانتماء ، اليوم أنت أمام من يقول لك ابقاء نحن في حاجتك، أعقلها يا أبا نوران ايها الاسطورة وتوكل ، فالنصر مشرعةً أبوابه لك، وينتظر أن توقع كما وقع (قلب الأسد) حسين عبدالغني، فإحساس المشجع النصراوي بالبطولة الاسيوية سيكون كبيرا عندما تقف مع نجوم النصر في الملعب تهمون لتحقيقه. المنطق والظروف تصب في مصلحة النصر، وفي تلك الليلة كانت ابتسامات (نور) توحي أنه في طريقه لتوقيع عقد جديد مع النصر، خصوصا عندما توقف عند صورة كأس آسيا التي كانت ضمن الصور المعروضة أمامه ،وقال بكل ثقة سأعود له قريبا، في هذا اشاره واضحة ،ورسالة لوالدته أنه يريد النصر، وكأنه يتوسل لها بأن تجعله يمضي لنصره الجديد ليقينه انه وجد (نور) الماضي أو بعضا منه بعد ان تخلا عنه احبابه. (نور) اليوم يسطر تاريخ جديد في عالم المستديرة ، وإن كُتب له النجاح وحقق كأس آسيا مع النصر، فهذا يعني اننا امام معجزة كروية حقيقية ،وخيال يصعب تخيله مهما اجتهدنا في ذلك . في السؤال الصعب الذي طُرح على (نور)، حقيقة لم تكن ضمن الأسئلة المطروحة من مقدم البرنامج تركي العجمة في تلك الليلة ؟ حيث كان التركيز على جواب الاختيار ولمن ستذهب، بينما كان من المفترض قبل ان يُطرح هذا السؤال أن يسأله هل قُدم له عرض من الاتحاد أم لا ؟ فالعرض الوحيد حسب ما اعرف الذي قُدمّ لنور هو عرض النصر، ورئيس الاتحاد في تصريح له، ينفي اي عرض رسمي من طرفهم للنجم (نور)، كل الذي قاله أبواب الاتحاد مفتوحة ل (نور) ..! إذاً الحقيقية الان واضحه امام الاسطورة (نور)، هناك من يريده وقدم عرضه، وهناك ايضا من يريده لكن لم يقدم عرضه الرسمي، والصورة الآن لا تحتاج مزيد من التوضيح ، مَن يتغنون بالرغبة لتعود لهم دون السير في تنفيذها ،لا يشبهون مَن رغبتهم واضحة وصريحة وبشكل رسمي..! لقاء (نور) في برنامج (كورة) كشف الوجه الآخر لهذا الجميل (نور) ، فقد كان عنوان للتواضع والوفاء ، لم ينسب لنفسه اي مجد برغم كل انجازاته وتاريخه إلا أنه اثنى على كل من شاركه تاريخه ونسي نفسه ، (نور) من القلائل الذين يكرهون الأنا وينتمي بروحه لروح الجماعة ، مُقل في الظهور إعلامياً لكنه عندما ظهر قال ما يُشبع طول غيابه . دمتم بخير،، سلطان الزايدي تويتر @zaidi161