وصلت مرحلة التعصب في الرياضة السعودية آفاقا بعيدة تمخضت عن حقد وكراهية وإلغاء الآخر، وتضمنت شيئا من العنصرية المرفوضة دينا ومجتمعا، والمصيبة أنها في ارتفاع وزيادة يومية بشكل يدعو الجميع دون استثناء إلى التوقف وإعادة النظر ودراسة الوضع والبحث عن حلول جذرية لإيقاف تفشي هذا الوباء. التعصب لنادٍ وتشجيعه ودعمه والفرح لفوزه ومداعبة الفريق المنافس وذكر بعض الأرقام وبعض المواقف أمر ليس فيه أدنى مشكلة، ولكن التوتر والشحن وجعل الرياضة والتنافس يصل مدى أبعد مما يجب أن يكون، قد يؤثر سلبا في عقول أبنائنا ممن هم في مقتبل العمر في ارتكاب حماقات أو تجاوزات أو سلبيات تؤثر في تماسك المجتمع دون وعي منهم، وهذا في كل الأحوال أمر مرفوض. نعم العدالة الرياضية مهمة في كسب رضا الجميع وتخفيف الاحتقان والشعور بالظلم، وهذا أمر يجب النظر إليه بشكل جدي وقد يكون من الأسباب الرئيسة للانفلات الرياضي، ولكن ما يحدث في بعض البرامج الرياضية قد يسهم في بث سموم التعصب والعنصرية من خلال ضيوف وإعلاميين لا يعون أبعاد وخطورة ما تمر به الرياضة السعودية بحثا عن بطولة خاصة أو شهرة مزيفة. إن العزف على أوتار الوطنية والمواطنة من خلال لعبة أو مباراة أو بطولة أو فوز أو خسارة لم تعد ذات جدوى، بل أصبحت هذه الوطنية ثوبا يتم تفصيله حسب الظروف الزمانية والمكانية للحدث وتتغير المواقف بحسب الميول للنادي، وهو أمر مخل بأهمية وعمق المواطنة التي هي أكبر وأعظم من حوادث رياضية هدفها الأساسي الترويح عن الشباب، وتحقيق منجزات وطنية من خلال منافسة شريفة وتمثيل يليق ببلاد الحرمين الشريفين. اليوم ليس أمامي من جهة يمكن أن تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في إيقاف الانفلات والفوضى الإعلامية والتجاوزات سوى لجنة الإعلام الرياضي التي يرأسها الزميل طلال آل الشيخ، سواء بالطيب أو باتخاذ إجراءات عملية حتى لو تطلب الأمر تدخل الجهات الأخرى مثل وزارة الثقافة والإعلام أو وزارة الداخلية أو الرئاسة العامة لرعاية الشباب. نعم اللجنة أهدافها كثيرة ومتنوعة، ولكن في اعتقادي أن أهم خطوة لهذه اللجنة يجب أن تبدأ بها عملها هو تخفيف ما يحدث من شحن لأبنائنا بطرق مباشرة وغير مباشرة إما بوعي أو بدون وعي من خلال برامج وإعلاميين قد لا يعون خطورة ما يتحدثون عنه ولا يدركون أبعاد ما يتناقشون حوله، وقد لا يفهمون مدى التأثيرات السلبية لذلك. التعصب لناد في المجال الرياضي والرغبة في تحقيقه الإنجازات والبطولات أمر ليس محل مناقشة أو جدال، الذي نريد إيقافه هو التعصب الممقوت الذي أدى إلى عنصرية وحقد وكراهية وإقصاء، وهذه للأسف أصبحت تتزايد في المدرجات وحتى في الإعلام ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وأصبح اللعب على المكشوف وبشكل مخجل لبعض الفئات خصوصا من تقدم به العمر. مقالة للكاتب علي حمدان عن جريدة الوطن