إن المتابع لخليجي 22 والمقام حالياً في السعودية لا يشعر بذات الانطباع الذي كان يشعر به في السابق عن هذه البطولة، ومدى قوة الحماس لها والشوق لقرب موعدها، ولا يمكن لأي متابعٍ أو ناقدٍ أو مسؤولٍ تحديد أسباب هذا البرود الواضح في هذه النسخة…!، فالبعض له وجهة نظرٍ مختلفةٍ، وقريبةٍ من الصواب، وهذا مؤشرٌ غير جيدٍ متى ما استمر هذا الإحساس في الدورات القادمة، وقد يضع المنظمين والمتحمسين لاستمرارية هذا العرس الخليجي في موقفٍ محرجٍ أمام تزايد المطالبات بإلغاء الدورة، وهذا ما لا أتمناه كمواطنٍ خليجيٍّ يعي تماماً ما معنى أن يزداد حبل الوصل والتواصل مع أشقائنا في الخليج في كل المجالات الحياتية، والرياضة تمثل جزءاً مهماً من تلك المجالات، فمن خلالها نستطيع أن نوثق ونقوي أواصل الترابط بين شعوب المنطقة؛ لهذا من المهم بعد هذه الدورة أن يجتمع القادة الرياضيين لكل دول الخليج، لمناقشة بعض الأفكار التي تساهم في عودة بطولة الخليج كالسابق مثيرة وتجذب الأنظار لها من كل مكانٍ. فالأمر ليس صعباً للغاية، ويسهل تداركه عندما نستشعر خطورة الموقف، إذا أردنا لهذه الدورة أن تستمر في السنوات القادمة بنفس الوتيرة والحماس والإثارة. إن إدخال تعديلاتٍ جديدةٍ على دورة الخليج أصبح ضرورةً ملحةً، وهذه التعديلات يجب أن تصب في الجانب المعنوي والفني لكل الدول المشاركة في دورة الخليج، كأن تضاعف جوائز البطولة، مع طرح بعض الأفكار المحفزة التي تجعل للبطل وضعاً جديداً يميزها عن سائر البطولات السابقة. ولستُ ملماً بكل المقترحات في هذا الخصوص، لكن من الممكن أن يكون من ضمن المقترحات، وعلى سبيل المثال: تنظيم البطولة على أرض بطل آخر دورةٍ، ويحتفظ بالتنظيم إذا استمر بطلاً للدورة التي تليها، ففي هذا تحفيزٌ وإثارةٌ وفوائد كثيرةٌ اقتصاديةٌ واجتماعيةٌ، ستعود بالنفع على البلد المستضيف. بالتأكيد توجد أفكارٌ كثيرةٌ لن تحضر إلا عندما يكون هناك لقاءٌ عامٌّ يجمع كلّ مسؤولي الرياضة في الخليج، وسيكون هناك وقتٌ كافٍ تدرس فيه كل دولةٍ مجموعة أفكارٍ تخدم دورات الخليج، وتساعد على استمرارها لفترةٍ زمنيةٍ أطول. فما يحدث في خليجي 22 على المستوى الفني للمنتخبات يجعل المخاوف تزداد على مستقبل هذه الدورة الجميلة التي ألفها أبناء الخليج، فمستويات المنتخبات ضعيفةٌ جداً في هذه الدورة تحديداً، ولا تجذب المشاهد الخليجي، وأكثر متابعيها أصبحوا يتابعون مباريات منتخبات بلادهم فقط، ولا يلتفتون للمباريات الأخرى، عكس ما كان يحدث في السابق، فالمتابع الخليجي كان ينتظر كل المباريات ويتابعها جميعاً، ويحفظ جدولها وتوقيت المباريات، وينظم وقته وفق موعد انطلاق المباريات، ولا أظن أن المتبقي من عمر البطولة سيلحظ أي تحسنٍ على المستوى الفني…! والغريب في هذه الدورة عدم ظهور أي نجمٍ جديدٍ على غير عادة بطولات الخليج التي كانت محطةً لاكتشاف المواهب، ففي كل بطولة كان يظهر نجمٌ صاعدٌ يشقّ طريقه نحو النجومية، وكانت بطولات الخليج أرضاً خصبةً تساعد النجوم على البروز، وتقديم كل ما لديهم من عطاءاتٍ، فالنجوم الخليجيون المعروفون لم يظهروا للجمهور الرياضي إلا من خلال بطولة الخليج. إنني أتفق مع مَن يقول: أن التنظيم السيئ الذي صاحب دورة خليجي22 كان له دورٌ في العزوف الجماهيري، فالإعداد للدورة لم يكن بالشكل المطلوب، ولا يليق بدولةٍ كالمملكة، لديها كل الإمكانيات لاستضافة بطولاتٍ قاريةٍ وعالميةٍ، وليست بطولةً إقليميةً..!! لقد كان هناك خللٌ واضحٌ يجب النظر فيه بعد نهاية البطولة ومحاسبة كل مَن تسبب في هذا الظهور الباهت على المستوى التنظيمي، حتى لا يعتقد أشقاؤنا في الخليج أن المملكة لم تعد تعني لها بطولة الخليج أي شيءٍ. أتمنى صادقاً أن تحتفظ دورة الخليج بمكانتها في قلب كلِّ خليجيٍّ. دمتم بخير،،،