راهن وكسب رهانه، ضغطوا وتمسك برأيه، حاولوا كثيرا أن تكون إدارته تابعة لآراء هنا وهناك، لكنهم فشلوا ولم تفلح كل الموجات الصوتية وفوق الصوتية في ثنيه عن قراره باستمرار المدرب الأوروغوياني دانيال كارينيو. تذكرون الحادثة بدون شك، وهو القرار التاريخي الذي أعاد النصر لمنصات التتويج في الموسم الماضي، فرغم الحملة وضراوتها لعدم التجديد لكارينيو بعد عامه الأول بدون ألقاب، أصر رئيس النصر فيصل بن تركي على استمراره لموسم آخر، فكان الحصاد والتميز والتفرد. سيناريو الأمس يتكرر اليوم مع تغيير الاسم من كارينيو إلى الأسباني كانيدا، والقصة متشابهة إلى حد ما في عنوانها وفصولها وحتى تفاصيلها، ومبدأ الرئيس الذي أعاد ناديه للذهب صلب لم تحركه هبوب النقد النقي والفساد، يدعمه في هذا التوجه الصدارة والعلامة الكاملة. في النصر استعاد صناع القرار زمام الأمور، فأعادوا العربة لسكة الانتصارات والبطولات والألقاب، بعد أن ظل هذا الصرح محطة لتقاذف الآراء والتوصيات لسنوات طوال بين محبيه كلفه البعد عن مجده ووهجه ألقابا وبطولات، رغم تواجده الإعلامي والجماهيري في القمة. ما مر به النصر في تلك المرحلة التي دفنها رئيسه الحالي باستعادة كل الأشياء الجميلة، يمر بها نادي الاتحاد في الوقت الراهن رغم نتائجه الجيدة في منافسات «جميل» فالمشهد حرب داحس والغبراء بين محبيه، والانقسام يشل حركته، بل في بعض الأحيان يخنقه بسبب التصيد الذي أصبح عنوانا كبيرا للثمانيني. ما مر به النصر سابقا، ويمر به الاتحاد حاليا أشبه ما يكون بالمصطلح السياسي الذي قدمته وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس لمنطقة الشرق الأوسط (الفوضى الخلاقة). ففي الاتحاد حاليا (كل يغني على ليلاه) (وكل يدعي وصلا بليلى) والحقيقة المؤكدة هي أن (الأنا) حاضرة و(المجموع) غائب، والأهداف متضاربة، ونزاع أهل الدار لا ينتج إلا تفككا، على عكس الصراع والمناكفة والمشاغبة مع من هم خارج اسوار النادي الذي يغذي التماسك والترابط تحت مظلة التنافس الكروي بما تحمله الكلمة من معنى، فالنصر عندما كان صراعه مع الهلال في حقبة الثمانينات والتسعينات قبل الألفية الثالثة كان قويا ومتماسكا، لكن قواه خارت عندما انتقل صراعه لأبناء النادي ومحبيه، والاتحاد كان قويا ومتماسكا عندما كان صراعه مع الهلال، ولكن أضاع بوصلته في هذا الحراك وتفتتت قوته وصلابته بالخلافات داخل داره. يحتاج الاتحاد في الوقت الراهن لتجربة الأمير فيصل بن تركي لإعادة ترتيب البيت الثمانيني قبل أن يستفحل الأمر في لعبة الولاء للأشخاص، وليس للكيان. العقل في الاتحاد مطلوب تواجده لفرملة جنون الانفعالات والانقسامات، أما العاطفة فهذا الثمانيني يملك حوله ملايين بعاطفة جياشة. عن اليوم