لم تكن الإطلالة المتفائلة المتجددة للكرة السعودية على المنبر الآسيوي عبر أعمدتها الجماهيرية الملكي والعميد والزعيم سوى مؤشر عملي إلى أن إرثنا الكروي لا يمكن أن يندثر لمجرد غياب مؤقت لأنديتنا أو منتخباتنا عن المنافسة الآسيوية، فسمة الأبطال تأتي من خلال العودة المظفرة والاستمرار في طريق الانتصارات والبحث عن البطولات ولعل الأسبوع المنصرم يمثل أحد أجمل أسابيع هذا العام كرويا بالنسبة لنا كمتعطشين لانتصارات تعيد لنا أجواء التفاؤل بعد الانكسارات التي عشناها مع منتخباتنا وأنديتنا في مناسبات عدة، فالأهلي استمر في تقديم أجمل العروض والنتائج مبرهناً على أن النادي الكبير هو في الأساس صاحب رسالة تجاه جماهيره بالمنافسة على كل البطولات وعدم الانكسار فما أن يخرج من بطولة سواءً حققها أو لم يحققها إلا ويحط رحال المنافسة في بطولة أخرى بطموح لا يتوقف لذا استمر في انتصاراته واستطاع أن يتربع على مجموعة الموت الآسيوية ويتغلب على فريق لخويا أحد أقوى فرق القارة بعناصره (المجمعة) بعناية وبطل الدوري القطري في ذات الوقت ولم يحصد الأهلي هذا التفوق آسيويا فقط بل زاد من وهجه استمراره في مسيرته المحلية المظفرة بالوصول إلى نصف نهائي مسابقة كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال أمام شقيقه الهلال الذي قلب الطاولة في وجه بيروزي وجماهيره بفوز ضرب عدة عصافير بحجر واحد، فالفريق الهلالي قد عاد إلى مستواه الحقيقي وتصدر مجموعته الآسيوية واقترب كثيرا من التأهل لدور الستة عشر في دوري أبطال آسيا بعد أن سبقه القطبان الأهلي والاتحاد إلى هذا الدور خاصةً وأن الاتحاد قد حسم موقفه مبكرا مستثمرا تباين مستويات فرق مجموعته وفي نفس الوقت أظهر بأنه الفريق المميز على المستوى الآسيوي والمحظوظ كذلك في هذه البطولة، ولن أنسى الاتفاق الذي سجل انحدارا مخيفاً في مستواه ونتائجه محلياً توجت بالخروج من كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال وإقالة مدربه برانكو في مقابل التأهل آسيويا وصدارة مجموعته في كأس الاتحاد الآسيوي وهو أمر لا شك بأنه أسعدنا في كل الأحوال بغض النظر عن قيمة البطولة وفرقها مقارنةً بدوري أبطال آسيا، ففي النهاية من يحقق بطولة خارجية أياً كان مسماها فهو قد أضاف للكرة السعودية، وما يجب إضافته في هذا الإطار أن الوصول لدور الستة عشر آسيويا ليس الطموح ولكنه خطوة على الطريق وأتمنى لجميع ممثلينا التوفيق .. بعد تلك النتائج السعيدة شهد الوسط الرياضي التفافا واتفاقا بين الأندية الجماهيرية الكبيرة بتبادل التبريكات والتهاني والأمنيات بمواصلة المشوار، فالأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس الهلال والأمير فيصل بن تركي رئيس النصر ورئيس الإدارة المؤقتة لاتحاد الكرة أحمد عيد ورئيس الاتحاد محمد بن داخل يهنئون رئيس الأهلي الأمير فهد بن خالد الذي يبادلهم نفس الشعور والتهنئة وهذا في حد ذاته يبشر بأجواء جميلة من المنافسة الشريفة بين الكبار يعطرها المحبة والروح الرياضية الحقة وغير ذلك من الأمثلة التي يجب أن تسود رياضتنا، ويكفي عندما أتحدث عن الأهلي والهلال والاتحاد والنصر فأنا أتحدث عن كيانات عملاقة قام عليها تاريخ كرة القدم السعودية ومنجزاتها طوال العقود الماضية، وأضرب مثالاً بلقاء السحاب بين الأهلي والهلال مرتين ذهابا وإيابا في نصف نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين للأبطال فهو يمثل مواجهة عاصفة بحسابات فنية وعناصرية وجماهيرية ومتى ما اجتمعت كل هذه السمات فإن مثل هذه المواجهات تعد ملح المنافسة والإثارة الكروية المقبولة في ظل أن كلا منهما مرشح لتجاوز الآخر فإذا تأهل الأهلي فلا غرابة وكذلك إذا تأهل الهلال فالمنافسة تظل في الميدان وإن خرجت تظل في نطاق محدود، فيما يظل النصر تحت المتابعة والترقب ليس فقط من قبل أنصاره المتعطشين بل حتى من جميع المتعاطفين مع هذا الكيان وقد بات وصوله للنهائي قريبا مقارنةً بتجربة الفتح الذي حقق إنجازا بوصوله إلى هذا الدور ولا أظنه سيذهب إلى أبعد من ذلك .. الصديق العزيز سلمان القباع بعث لي برسالة يقول فيها ما يلي:(كثر الحديث عن الأربعة الكبار، وحسب متابعتي فإن أكثر الإعلاميين الرياضيين يعتقدون أن الأربعة الكبار الأهلي والهلال والنصر والاتحاد اكتسبوا هذا المسمى فقط من بطولاتهم وجماهيريتهم وهذا من وجهة نظري لا تكتمل فيه الصورة الصحيحة فهم قد سميوا بهذا المسمى بسبب عدم هبوطهم للدرجة الأولى، فقط تتبع مسيرة بقية الأندية وتاريخها ومسلسل مجيئها وعودتها من وإلى الدرجة الأولى لتعرف الحقيقة)، أحترم رأي سلمان القباع وأوافقه الرأي في بعض ما جاء في رسالتيه الأولى والثانية وأتحفظ على بعضها وأزيد بأن هناك أندية مع قدم تأسيسها لم تحقق الشعبية الجماهيرية المطلوبة قياساً بالسنوات الطويلة التي أمضتها وأندية حافظت على جماهيريتها برغم هبوطها للدرجة الأولى وابتعادها عن البطولات.