في القرن الثالث عشر كاد (التعصب) يفتك برياضة كرة القدم في بريطانيا بعد أن وصل الاحتقان إلى أعلى درجاته، وأصبحت المدرجات في الملاعب البريطانية -ومن ثم الأوربية بعد ذلك- مكاناً في غاية الخطورة يهدد حياة كل من يفكر بالحضور لمشاهدة مباراة في كرة القدم، بعد أن ساهمت الفروقات الدينية والعرقية والاجتماعية والانتماءات الأخرى في تغذية المشاعر السيئة للمشجع في المدرجات، في تلك الفترة أطلقت أوروبا على هذه الظاهرة بعد أن وصلت لأكثر من بلد اسم (المرض البريطاني). بكل تأكيد لا نعيش في كرتنا هذا المستوى من (التعصب)، لكن في نفس الوقت هذا لا يعني أن ظاهرة (التعصب) غير مقلقة في ملاعبنا، والخوف كل الخوف أن تكبر كرة الثلج ويتحول التعصب في ملاعبنا إلى منحى آخر أكثر خطورة وضرراً ما دام الوضع له مؤشرات خطيرة نلمسها بشكل يومي مع تزايد حدت المنافسة، فالتركيز على بعض الجوانب البعيدة كل البعد عن إطار المنافسة الميدانية يجعل الوضع مريباً في شكله العام، وهذا التخوف له ما يبرره على الصعيد الإعلامي والجماهيري. اليوم وسائل التقنية المعلوماتية لها الدور الأبرز في إعطاء هذه الظاهرة كل هذا الزخم لسهولة توافرها وانتشارها بين أفراد المجتمع الواحد، ومن خلالها يستطيع إيصال ما يريده ونشره ليصل بأسهل الطرق لأكبر شريحة ممكنة من المجتمع، وهذا مدعاة للقلق، فالمشهد الرياضي في مجتمعنا اليوم مختلف لأسباب كثيرة ربما من أهمها (الفكر) الذي أصبح بحاجة ماسة لمؤسسات تعليم وتدريب لكل من يعمل في المجال الإعلامي الرياضي حتى نبدأ نشعر بالاختلاف في نوعية الطرح ومستوى (الفكرة) التي تصب في مصلحة كرة القدم السعودية والرياضة بشكل عام. اليوم أصحاب الفكر المفتون (بالإثارة) – التي لا يستطيع صاحبها أن يميز بين الإثارة المحمودة والسلبية ومدى فائدتها أو ضررها على المجتمع الرياضي-هم من يتحكمون في زمام الأمور – مع الأسف الشديد- ويسيرون بالوضع الاجتماعي الرياضي نحو الهاوية، وكأنه بالون هواء ينتظره موعد مع الانفجار..! وهذا ما يشكل ضغطاً كبيراً على أفكار النشء سواء القريب من الرياضة ولديه اهتمامات وميول رياضية أو حتى المتابع للحدث فقط، وقد يكون تأثيره كبيراً في المستقبل على بعض سلوكياتهم وقراراتهم، نحن اليوم نعيش أزمة (جدل) لا نهاية لها، وهذا الأمر قد يكون مقبولاً إذا كان الحدث مثار جدل، لكن أن يتحول الأمر إلى الجدل في الحقائق فهذا أمر في غاية الخطورة، ونحن بهذا نوجه شبابنا نحو بعض السلوكيات الخاطئة ونساعد على امتهان هذا السلوك في المستقبل والذي يمكن من خلاله أن يمارس بعض الأفعال الخاطئة في حياته العامة أو العملية، ثم يجادل على صحة ما قام به، يقول أحد خبراء التربية: الرياضة والمنافسات الرياضية يمكن أن تصبح ذات فائدة عظيمة في تهذيب السلوك وننشر من خلالها بعض الآداب العامة وتنمية بعض الجوانب المهمة في شخصية الفرد متى ما استغل هذا الجانب بالشكل التربوي السليم من خلال تمرير بعض الجوانب التربوية المهمة والإيجابية للفرد بشكل مباشر أو غير مباشر. اليوم وفي ظل هذا الاحتقان والتشكيك نجد من يستغل هذا الوضع النفسي غير اللائق بمجتمع كمجتمعنا ويسير بالرياضة إلى نفق مظلم نهايته ستكون دون أدنى شك كوارثية إذا لم يكن هناك تحرك كبير من خلال سنّ بعض القوانين الرادعة التي تسهم في تغيير الصورة العامة عند بعض الرياضيين الذين يغذون روح (التعصب)، ولنا في بعض المخالفات التي حدثت في مواسم سابقة وكانت تشكل نوعاً من الظواهر غير الجيدة وتفسد الشكل العام لأي منافسة رياضية شريفة – دليل على أن القانون له احترامه وسطوته، ويملك كل الجوانب التي تكفل النظام والمحافظة على ضبط السلوك، فالنزول للملعب من قبل الجماهير على سبيل المثال قد انتهى بسن قانون يردع هذا التجاوز ويطبق وقت ثبوت الفعل بعد أن كاد يشكل ظاهرة بعدد مرات تكرار ذات الفعل في ملاعبنا، إذن القانون وحده من يملك صلاحية ضبط الفكر التعصبي في رياضتنا؛ لهذا من المهم أن يكون هناك جهة تتابع هذا الأمر في كل وسائل التواصل الاجتماعي المنتشرة حتى على مستوى وسائل الإعلام المختلفة، الجميع يجب أن يكون عرضة للمساءلة من أي جهة كانت أو حتى على المستوى الشخصي متى ما كان تجاوزه يستوجب مساءلته، فلن نتمكن من ضبط هذا الجانب إلا من خلال سن القوانين وتفعيل تطبيقها حتى تكون ذات إسهام واضح في الحد من (التعصب)، عندها ستكون رياضتنا أرضاً خصبة للتنافس الشريف.. ودمتم بخير،، سلطان الزايدي [email protected]