لم يكن أشد المتفائلين من مشجعي نادي الفتح ليتوقع بأن النادي القادم من منطقة الأحساء شرق المملكة العربية السعودية سيتوّج بطلاً للدوري السعودي هذا الموسم خصوصاً وأن النادي الذي تأسس عام 1958 صعد إلى دوري الأضواء مع نهاية موسم 2007-2008 ولم تضم تشكيلة الفريق أي أسماء كبيرة سواء من اللاعبين المحليين أو المحترفين. ولعّل وجود لاعب واحد فقط في تشكيلة المنتخب السعودي التي واجهت الصين في بداية مشوار المنتخبين ضمن تصفيات كأس آسيا 2015 أكبر دليل على أن الفتح لم يكن مرشحاً ليحقق أي مفاجأة تذكر هذا الموسم وليخترق صفوف الأندية الكبيرة التي سبق لها الفوز بالألقاب المحلية. إلا أن الفضل الكبير في الإنجاز الذي حققه الفتح يعود لمدربه التونسي فتحي الجبال الذي استلم تدريب الفريق قبل خمس سنوات وتحديداً في يناير/كانون الثاني 2008 ليقود الفريق للإرتقاء إلى دوري الأضواء قبل أن يخطف الأنظار هذا الموسم بقيادته الفريق للفوز بلقب الدوري السعودي. وقد تحدث موقع FIFA.com حصرياً إلى المدرب التونسي الذي كشف الأسرار المرتبطة بفوز فريقه بلقب الدوري بالإضافة إلى مستقبل الفريق بعدما أصبح رقماً صعباً في الكرة السعودية. خبرة “السير فتحي” لم يستمر مشوار الجبال كلاعب مع نادي محيط قرقنة التونسي طويلاً نظراً لانشغاله بدراسته قبل أن يحصل على شهادة جامعية في كرة القدم واتجه بعد ذلك للتدريب في السعودية منذ عام 1999 عندما عمل كمساعد للمدرب التونسي بلحسن مالوش مع فريق سدوس المتواضع. وكانت مهمة الجبال الأولى كمدرب عندما تولى تدريب فريق النجمة بعد ثلاث سنوات قبل أن يدرب نادي الحزم عام 2003. وبعد تدريب أندية سدوس والشعلة وهجر ونجران، استلم الجبال تدريب الفتح بداية عام 2008 وقاده في نفس العام للتأهل إلى دوري الأضواء قبل أن يستمر معه لخمس سنوات متتالية وهو الأمر الذي منحه لقب “السير فتحي” تيمناً بالسير أليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد الإنجليزي وأعوامه الطويلة التي قضاها مع الشياطين الحمر. وقد عزا الجبال الإنجاز الذي حققه الفريق هذا العام إلى “جهد ست سنوات وليس سنة واحدة حيث استطعنا بناء فريق متكامل وذو إمكانيات كبيرة. لقد قدّم اللاعبون هذا الموسم مستوى كبير بحماس كبير وأظهروا شخصية قوية وهذا هو السر الحقيقي وراء الإنجاز الذي حققناه.” ولعّل الجبال نفسه، وهو الأكثر قرباً من الفريق، لم يكن ليتوقع الإنجاز الذي تحقق مضيفاً “عندما استلمت الفريق عام 2008 لم أكن لأحلم بأننا بعد ست سنوات سنفوز بلقب الدوري. إلا أننا عملنا على برنامج طويل المدى وكان هناك أهداف مدروسة نجحنا في تحقيقها كل سنة.” وعلى الرغم من أن الفريق لا يضم أسماء كبيرة مثل الأندية العريقة إلا أنه نجح في الفوز باللقب وهو الأمر الذي اعتبره المدرب ذو الخمسين عاماً عامل قوة بالنسبة للفريق قائلاً “لقد لعبنا كمجموعة واحدة وليس كأفراد وهذا الأمر هو الذي صنع الفارق بالنسبة لنا. لدينا مجموعة جيدة من اللاعبين الذين عملوا سوياً من أجل تحقيق الإنتصارات.” وأضاف “إنه إنجاز كبير خصوصاً وأننا خطفنا اللقب من أمام فرق كبيرة تعتبر من فرق الصفوة على مستوى آسيا وليس فقط السعودية مثل الهلال والشباب والأهلي وهذا الأمر يجعلنا بالفخر.” كسر احتكار الكبار منذ الموسم الأول للدوري السعودي في 1976-1977، سيطرت أندية الهلال والإتحاد والنصر والشباب والإتفاق والأهلي على اللقب الذي لم يخرج من خزائن هذه الأندية الستة قبل أن يكسر الفتح هذا الموسم احتكار الكبار ويصبح النادي السابع الذي يفوز بلقب الدوري السعودي. وبينما كان “النموذجي” يُعتبر من أندية “الوسط” في السنوات الماضية، جاء فوزه بلقب الدوري ليكون دافعاً للأندية الأخرى التي لم يسبق لها التتويج باللقب من أجل السير على خطاه والفوز بلقب الدوري كما اعتبر المدرب المولود في جزيرة قرقنة التونسية. وقال الجبال “ما حققه الفتح هذا الموسم سيكون دافع للأندية التي تُعتبر من أندية الوسط من أجل القيام بعمل جاد وأخذ العبرة من تجربة النادي الذي كسر الحاجز الموجود سابقاً. كما أن هذا الأمر سيكون إنذار جدّي للأندية الكبيرة التي تضم أسماء كبيرة ومهمة من أجل العمل على تحسين وضعها وفي النهاية سينعكس الأمر بشكل إيجابي على الدوري السعودي وقوته.” وأشاد المدرب التونسي بروح لاعبيه وقدراتهم بعدما شكّك الكثيرون بقدرة الفريق على مواصلة المشوار بنجاح حتى النهاية قائلاً “التشكيك بقدرة الفريق كان حافزاً كبيراً للاعبين ليثبتوا بأن الإنتصارات التي تحققت لم تأت عن طريق الصدفة وهو الأمر الذي انعكس بتحقيق نتائج إيجابية تواصلت حتى نهاية الدوري.” ومع ختام الدوري السعودي يوم السبت الماضي، يتطّلع الجبال إلى المستقبل وسيأمل بأن ينقل الفريق نجاحه المحلي إلى الصعيد القاري عندما يشارك بدوري أبطال آسيا العام المقبل. وقال المدرب بحماس بالغ “سنقوم بدراسة ما تحقق هذا العام وهو الأمر الذي سيضعنا أمام مسؤولية كبيرة. سيمثّل الفتح السعودية العام المقبل في دوري أبطال آسيا وهو أمر مهم أيضاً ويضع مسؤولية علينا ولكننا سنحاول أن نصل إلى أبعد مدى ممكن.” ومن يدري، فقد يدخل الفتح دوري أبطال آسيا 2014 بصفة “غير مرشح” وينهي البطولة…على القمة! سيناريو تحقق على يد فتحي الجبال ورجاله في الدوري السعودي هذا الموسم.