في قلب المزرعة القديمة على أرض الجنادرية وقف الزوار بمختلف مراحل أعمارهم وهم يشاهدون جداول مائية صغيرة تجري لتروي أحواض النخيل بعد استخراجها من البئر عن طريق الإبل . هذه الصورة المبسطة للأجيال تحكي واقعاً عن الماضي لما عانه الأجداد لاستخراج الماء من البئر بعد حفرها وتكسيتها بالحجارة وصنع قِرب " الروى " التي تُربط على الماشية بواسطة دائرة خشبية تسمى " السواني " تنزل إلى البئر لترفع قليلاً من الماء لسقيا الحرث والزرع. وتبدأ عملية استخراج المياه من الآبار العميقة بالطريقة التقليدية القديمة من بعد صلاة الفجر حتى غروب الشمس ولا يكون هناك راحة إلا للصلاة أو للأكل. وفي الغالب يقوم بامتهانها أشخاص معينون، وتستخدم لري الحيوانات والماشية، ونقل المياه إلى البيوت مقابل أجرة معنية. ويستخدم في السواني حيوانات مدربة لهذا الغرض بحيث تمشي مسافة معنية داخل أرض محفورة تسمى المنحاة وتقف عندما يصل الروى إلى قاع البئر ليمتلئ مرة ثانية وهكذا تصب المياه من الغروب في اللزاء " مجمع المياه " وذلك لجمع الماء ومن ثم توزيعه , ومن الأدوات المستخدمة منها الرشا والسريح والمقاط والضمد وغيرها . ولا تستغني المزرعة القديمة عن الحرفيين في الخرازة وهم من يقوم بخياطة القرب التي تعبأ فيها المياه، عن طريق مقص خاص ومخرز . وكانت المياه يتم نقلها فديما في (قِرب) خاصة من الجلد لتوزيعها إلى المنازل. ولا تخلوا أيضا أي مزرعة قديمة مما يسمى " بالدّياسة " وهي مرحلة هرس المحصول لفصل الحب عن السيقان والسنابل، حيث يحمل المحصول بعد حصاده إلى مكان بجانب المزرعة ويوضع بشكل دائري ويحاط برصيف دائري من الحجارة والجص، ثم يترك المحصول حتى يجف تحت أشعة الشمس وتتم عملية الدياسة بأن تحضر مجموعة من البقر أو الحمير وتنظم في حبل واحد بطريقة مخصوصة،. وتضم المزرعة عددا من الصناعات القديمة التي ترتبط بعمل الإنسان في الماضي ومنها صناعة الميظفات ومشراب الماء وصناعة الرحي وصناعة الرداحة وصناعة السجين . على صعيد ذي صلة فإن المزرعة اليوم لم تعد هي التي بالأمس ، وتطورت وسائل نقل المياه والري والحراثة وجني المحصول عبر آلات حديثه وتقنيات متطورة. //انتهى//