ُتعد العمارة الطينية اليمنية من أرقى الفنون فى ربوع اليمن حيث أنها وبكل ما تحتويه من أشكال فنا معماريا شيقا منذ العصور القديمة عبر أطوار التاريخ حيث تمتاز البنايات الطينية اليمنية الأصيلة باشكال متنوعة وعديدة- اضافة الى ذلك توجد على أسطحها الخارجية كمًا هائلا من الرسوم الجميلة وعلى جوانبها الخارجية فتحات ذات أشكال تتناسب مع بيئة سكانها سهلة التشكيل الفنى الزخرفى الذى يضفى منظرا رائعا للعمارة الطينية. ويمثل اليمن نمطا معماريا منفردا فى العالم القديم لفت أنظار كل شغوف بإستقصاء أسرار فن العمارة الطينية- وبدأت خطوط ابداع ذلك الرعيل من الأجداد القدامى الذين ترجموا انفعالاتهم النفسية والروحية فى الزخرفة إما على عقود الجبص والأبواب الخشبية أو فى الأحزمة على عقود الحجر والطين والباجور المحرق كما فى صنعاء القديمة وصعدة وشبام وغيرها من المدن اليمنية الآهلة بالحضارة التى تقدم آيات من الإبداع الخلاق المرتكز على قاعدة من المعرفة بإنعكاسات اللون وحضور الشكل ومقاييس المسافة. وكانت مادة البناء التقليدية فى حضرموت منذ القدم وإلى الآن هى مادة الطين حيث صنع منها البناؤون أشكالاٌ وزخارف معمارية لا يصدق المرء أنها من مادة الطين لذلك أصبحت مدينة تريم بوادى حضرموت اليوم تزهو بقصورها الساحرة الباهرة والتى من أجملها قصرعشة لآل الكاف وقصر المنيصورة لآل بن يحيى وكذلك بمآذن مساجدها الطينية المتنوعة والمختلفة المنتشرة فى كل مكان ولعل أشهرها مأذنة مسجد عمر المختار التى تُعد آية من الإبداع المعمارى والتصميم والتنفيذ الهندسى حيث شيدت من الطين أوائل القرن الرابع عشر الهجرى. والفن المعمارى فى اليمن قديم وممتد الى يومنا هذا حيث بدأت العمارة الطينية فى الفترة الأخيرة فى التطور بما يتناسب مع تكنولوجيا العصر الحديث- فيما تمتاز العمارة الطينية بمميزات عديدة منها خاصية المرونة مع تقلبات المناخ فتكون حارة شتاءأ وباردة صيفاً وهذا التوافق مع المناخ طبيعى لحياة السكان فيما تقاوم العمارة الطينية الظروف المناخية المتنوعة من الأمطار والعواصف وغيرها مما يجعلها تتميز تميزاً إيجابيا على الإطلاق. إن التراث العمرانى الذى أقامه الأجداد من الرعيل الأول فى كثير من مناطق اليمن وبوادى حضرموت خاصة يظهر المواءمة البيئية واضحة بين طبيعة البيوت وظروف البيئة المحلية وهو ما يعكس حقيقة عرفها السابقون وأصبح أهل العمران يدركون أهميتها وهى أن لكل بيئة وكل طقسٍ نمطاً من البناء يكمل المنطقة التى يقوم فيها ويحقق بذلك المتطلبات المالية والحياتية بأقل تكلفة وبإستغلالية تامة من خلال الإعتماد الكلى على موارد البيئة المحلية خاصة فى وادى حضرموت وشبام- فاننا نقف أمام هندسة معمارية من الطين تتضمن خبرة أجيال عرفت كيف تستفيد من البيئة الطبيعية وتخلق تجانساً بينها وبين سكن الإنسان. // يتبع //