يبدو الرئيس الأوروبي هارمان فان رومباي المستفيد الرئيس من إدارة الأزمة المالية التي تعصف باليونان ضمن توازنات القوة بين المؤسسات الأوروبية. وبعد ثلاثة أشهر من تسلمه مهامه كأول رئيس للاتحاد الأوروبي ووفق الهندسة الجديدة التي أرستها اتفاقية لشبونة للوحدة الأوروبية تمكن الرئيس الأوروبي ووفق مختلف المراقبين الأوروبيين من فرض أسلوب عمله ومن خلال إدارة أزمة ديون اليونان والقيام بعدة مبادرات محددة أسهمت في تقريب وجهات نظر الحكومات الأوروبية وخاصة ألمانياوفرنسا خلال الثماني والأربعين ساعة الأخيرة والتي رافقت انعقاد القمة الأوروبية. وطغت إشكالية إدارة ديون اليونان على أعمال القمة التي وظفها هرمان فانرومباي لانتزاع مزيد من النفوذ المؤسساتي على حساب الهيئات الأوروبية الأخرى وخاصة المفوضية التي يشرف عليها البرتغالي خوزيه بارزو والتي لم تتمكن من تقديم أي تصور عملي للقادة الأوروبيين بشأن بلورة مخرج للازمة اليونانية وقام فان رومباي بالضغط المزدوج على كل من فرنساوألمانيا لانتزاع اتفاق يتمثل في قبول ألمانيا بتقديم دعم أوروبي ثنائي لليونان مقابل قبول فرنسا بإشراك صندوق النقد الدولي في إدارة الأزمة. كما قام الرئيس الأوروبي في مبادرة أخرى مثيرة بترؤس اجتماع لدول منطقة اليورو الست عشرة رغم ان هذه المجموعة تمتلك رئيسا رسميا لها في شخص رئيس وزراء لكسمبورغ جان كلود جونكر والذي وجه انتقادات مباشرة خلال القمة لتصرفات الرئيس الأوروبي. وتحصل رئيس الاتحاد فان رمباي على تكليف رسمي في ختام أعمال القمة من قادة الاتحاد الأوروبي بالقيام بتحركات محددة قبل نهاية العام الجاري لتقديم مقترحات حول تنسيق السياسات الاقتصادية وخاصة الضريبية دخل الفضاء الاقتصادي الأوروبيوهي مهمة كان من المتوقع ان تسند للمفوضية الأوروبية. كما فقدت المفوضية خلال القمة جزءا هاما من مقترحاتها بشأن استراتيجية حفز النمو الاقتصادي الأوروبي الى غاية عام 2010 وتخلى الزعماء الأوروبيين عن الجانب الأكبر من مقترحات الجهاز التنفيذي الأوروبي. وكان الدبلوماسيون يتوقعون غداة تعيين فان رومباي على رأس الاتحاد الأوروبي ان يضل مجرد موظف يتحرك في ظلّ المفوضية الأوروبية التي تولت فترة ولاية ثانية العام الجاري. ولكن غالبية الحكومات الأوروبية باتت تنتقد أداء رئيس المفوضية الذي سعى بشكل واضح إلى الاستحواذ على القسم الدبلوماسي الأوروبي الجيد على حساب هذه الحكومات. كما ان باروزو اتّخذ قرارات مثيرة في الآونة الأخيرة تسببت في سخط الرأي العام وأهمها السماح بتداول المواد المعدلة وراثيا في القطاع الغذائي ودون التحقق علميا من سلامتها .. ويراهن الرئيس الأوروبي فان رومباي على العلاقات الجيدة التي يقيمها مع ألمانياوفرنسا لفرض خططه تدريجيا وعلى حسب المؤسسات الأوروبية الأخرى خاصة ان رئيس المفوضية باروزو سيواجه متاعب فعلية متوقعة بعد ان وجّه انتقادات علنية لموقف المانيا من ديون اليونان واتهامه لها بأنها تخلت عن حماية منطقة اليورو وأبدت تضامنها محدودا معها. // انتهى //