لا يغيب عن أحد ما للمدينة المنورة من مكانة في قلوب المسلمين أجمعين ومنبع الحب للمدينة ناشئ من ساكنها عليه أفضل الصلاة والسلام فهو صاحب الرسالة وهو المعلم الأول فقد تخرج على يديه أصحابه الكرام وكانت أول مدرسة يتعلم بها الصحابة ويتدارسون بها من معلمهم الأول عليه الصلاة والسلام هي دار الأرقم بمكة وبعد هجرته إلى المدينةالمنورة أصبح المسجد النبوي الشريف هو المدرسة . وكان عليه الصلاة والسلام يحثهم على تعلم القراءة والكتابة وقد ورد في الحديث الشريف أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال // من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع // وقد حرص عليه الصلاة والسلام على نشر العلم ونجد الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من زيد بن ثابت رضي الله عنه أن يتعلم اللغة العبرية كما جعل عليه الصلاة والسلام فدية الأسير المتعلم من الكفار مقابل فك أسره هو أن يقوم بتعليم المسلمين القراءة والكتابة لذلك كله كانت المدينةالمنورة عاصمة الإسلام الأولي وهي منبع العلم ومنها شع النور إلى باقي المدن لذلك كان يقصدها الكثير لأخذ العلم عن أهلها . وسيستعرض هذا التقرير نبذة عن الكتاتيب والزوايا والمدارس التي ظهرت بمدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم منذ عدة عقود فالكتاتيب مفردها كتاب والكتاب هو موضع الكتابة والمكان الذي يتلقى فيه الصبيان العلم ويجتمعون فيه لحفظ القرآن الكريم قراءة وكتابة وتلقي مبادئ الدين الإسلامي واللغة العربية وبعض العلوم الأخرى ويدير الكتاب معلم يطلق عليه عدة أسماء منها المعلم والمؤدب والفقيه والملا ويشترط فيه عدة شروط من أهمها رسوخ العقيدة الإسلامية لديه والإلمام بالمواد التي يدرسها ومراعاة ميول وحاجات الأطفال ومعاملتهم بالإحسان والتلطف وإلى جانب المؤدب يوجد شخص آخر يسمى العريف وهو بمثابة أحد كبار الصبية النابهين يشرف على زملائه في فترة غياب المؤدب . ولا يقتصر دور المؤدب على تعليم الأطفال القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة وغيرها بل يحرص على تنشئتهم النشأة الصالحة ويغرس في نفوسهم الأخلاق الحميدة والمبادئ الفاضلة وقد اشتهرت الكتاتيب في بلدان العالم الإسلامي شرقه وغربه واعتبره بعض الدارسين على أنه مؤسسة إسلامية عرفها المسلمون منذ فجر الإسلام ومن هذه البلدان الجزيرة العربية وخاصة في بلاد الحرمين الشريفين وكانت هذه الكتاتيب قوام التعليم حتى ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري . وفي المدينةالمنورة لعب الكتاب دورا بارزا في حياة المدنيين فأول ما عرفه المسلمون في المدينة كان في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كثر عدد صبيان المسلمين ولا يجدون من يعلمهم فأمر باتخاذ كتاتيب في كل حي من أحياء المدينة يغدو إليه الصبيان يتعلمون فيه كتاب الله ومبادئ القراءة والكتابة وجعل للمعلم المتفرغ لذلك أجرا على عمله . ومن الأماكن التي انتشرت فيها الكتاتيب في المدينةالمنورة المسجد النبوي الشريف وقد ظل المسجد على مدى تاريخه الطويل المنهل العذب والمدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطلاب العلم والتعليم وتخرجت منه أجيال عديدة من أبناء المدينة والمسلمين كافة وبقيت ساحاته وجوانبه زاخرة بحلقات العلم حتى الآن وبالكتاتيب حتى فترة متأخرة من القرن الرابع عشر الهجري وقد تناول هذه الكتاتيب عدد من المؤرخين والدارسين منهم علي بن موسى في كتابه وصف المدينة عام 1303ه فذكر أن في المسجد النبوي الشريف اثني عشر كتابا للقراءة وواحدا لتعليم اللغة الفارسية ومكانها في الجهة الشمالية من المسجد بجوار باب المجيدي. //يتبع// 0931 ت م