يستمر موضوع الهجرة من ضمن الاشكاليات العويصة التي لم يحقق فيها الاتحاد الأوروبي أي إجماع بسبب متطلبات واحتياجات كل دولة أوروبية علاوة على نظرتها الى هذه الظاهرة التي تحظى في الوقت نفسه بالرفض والقبول من طرف الرأي العام وتأتي مقترحات نائب رئيس المفوضية الأوروبية / فرانكو فراتيني / بالرهان على هجرة انتقائية لتزيد من حدة النقاش والاختلاف . وتقدم / فراتيني/ في قمة لشبونة التي انتهت أمس الجمعة بمقترحات مهمة للغاية تهدف الى ضرورة سعي أوروبا وراء استقطاب مهاجرين مؤهلين لسد الفراغ الحاصل في الكثير من القطاعات علاوة على تغطية العجز الحاصل في النمو الديمغرافي . ومن ضمن مقترحاته إنشاء بطاقة زرقاء بمثابة البطاقة الخضراء الأمريكية للإقامة والعمل. وحذّر فراتيني أن أوروبا تخسر أمام كندا وأستراليا ودول آسيا الناشئة في مجال العمل والبحث العملي . وكان تقرير للأمم المتحدة قد أبرز أن أوروبا في حاجة الى 50 مليون مهاجر حتى سنة 2050 حتى لا يتراجع معدل النمو الاقتصادي والساكنة . اسبانيا تعتبر من ضمن مؤيدي سياسة أوروبية موحدة في مجال الهجرة وكان وزير الخارجية ميغيل آنخيل موراتينوس قد شدد في أكثر من مناسبة على ضرورة توحيد المعايير في التعاطي مع هذا الملف الشائك بدل اللجوء الى تبادل الاتهامات . وكانت مدريد قد تعرضت لانتقادات أوروبية بسبب مسلسل تسوية أوضاع 700 ألف من المهاجرين السريين سنة 2005. وفي صمت تام استقبلت اسبانيا خلال السنة الجديدة مائة ألف مهاجر بطريقة قانونية لسد الفراغ في الكثير من القطاعات . فرنسا كانت سباقة الى الرهان على الهجرة الانتقائية عندما كان الرئيس الفرنسي الحالي / نيكولا ساركوزي/ وزيرا للداخلية قبل مايو الماضي ولهذا فهي ترحب بالمقترح الأوروبي مع تعديله بينما تعتبر المانيا ذات الثقل الخاص وسط الاتحاد الأوروبي أن السياسة الأوروبية سوف لن تكون مجدية . وتطرح المانيا في المقابل بديلا جاء على لسان بعض مسؤولي الحكومة الائتلافية أمس ويتجلى في إقناع الأوروبيين بعدم السفر للعمل في الولاياتالمتحدةوكندا والاهتمام بالعاطلين الذين يعدون بالملايين وسط الاتحاد الأوروبي كما تبرز برلين إشكالية الاندماج للكثير من الجاليات المهاجرة وهي تركز في هذا الشأن على المسلمين . فراتيني سيقدم مشروعه المتكامل للهجرة يوم 23 أكتوبر المقبل وبمجرد الاعلان عليه ترتب عنه اختلافات سياسية وهذا يدفع المراقبين الى القول أن موضوع الهجرة سيستمر كموضوع لا يحظى بالإجماع لسنوات مقبلة لسبب بسيط وهو أن حاجيات كل دولة من اليد العاملة تختلف عن الأخرى . // انتهى // 1318 ت م