بذلت المملكة العربية السعودية ممثلة في دارة الملك عبدالعزيز جهوداً مضنية في رعاية التراث السمعي البصري، لجعله في متناول الجمهور والأجيال القادمة، فشاركت دول العالم في الاحتفاء باليوم العالمي للتراث السمعي البصري الذي يصادف 27 أكتوبر من كل عام؛ لإذكاء الوعي العام بالحاجة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لرعاية هذا التراث، وإدراك أهمية الوثائق السمعية والبصرية. كما يمثل هذا اليوم العالمي فرصة لدول العالم لتقييم أدائها فيما يتعلق بصون التراث الوثائقي، بما في ذلك التراث الرقمي، وإتاحة الانتفاع به، إلى جانب تعزيزه تدفق الأفكار بالكلمة والصورة؛ لأنهما أداتا تمثيل للذاكرة والتراث المشترك، وتسليط الضوء على دور التراث في بناء دفاعات السلام في أذهان أفراد المجتمع من خلال العديد من المبادرات. وأولت الدارة أهمية كبرى للمحافظة على التراث السمعي البصري، فوسعت دوائر الاستحواذ على تلك المواد، من خلال الشراء والإهداء والشراكات العلمية والثقافية في جميع أنحاء العالم، بحيث ضمت أوعية الحفظ في الدارة عشرات الآلاف من الأصول السمعية والبصرية، يجري حفظها في قواعد معلوماتية وفق أحدث الأساليب المأخوذ بها عالميًا، مع ترميم الأفلام الفوتوغرافية والسينمائية، وإعادة تأهيلها للعرض والرقمنة، ليتم بعدها إتاحة هذا التراث السمعي البصري للباحثين والدارسين في المجالات التاريخية والثقافية والاجتماعية وغيرها، وفق آليات توفر الوقت والجهد في البحث والاستقصاء. كما تعمل على إنتاج المواد السمعية والبصرية عن طريق إجراء المقابلات الشفوية مع كبار السن والمعاصرين بالصوت والصورة، ليتكون لديها مع الوقت تراثًا غنيًا من المقابلات الشفوية، تشكل تراثًا سمعيًا وبصريًا تزداد قيمته العلمية بمرور الزمن، ويضاف لذلك قيام الدارة بشكل مستمر في تنفيذ الأفلام الوثائقية القصيرة، بالاستعانة برصيدها المتعاظم من المواد السمعية والبصرية، لتؤكد بذلك على ما يمثله ذلك التراث من مادة خصبة للأعمال الوثائقية والدرامية أيضًا. وأكدت دارة الملك عبدالعزيز أن التاريخ والثقافة والعادات الموروثة لأي أمة يجسدها تراثها السمعي البصري، من أفلام، وبرامج إذاعية وتليفزيونية، وصور فوتوغرافية وغيرها، لذلك لابد من العمل الدؤوب على استرجاع محتوى هذا التراث لأنه مورد غير متجدد، وفقدانه هو فقدان للأبد، لذا يجب حمايته، والعناية به ليصبح ماثلاً أمام العيان حاضراً ومستقبلاً، للاستفادة من هذا الرصيد التراثي السمعي البصري الذي لا يقل أهمية عن التراث المدون أو المكتوب. ووثقت الدارة وقائع تاريخية كشاهدٍ على تراث وعادات وثقافات المجتمع السعودي على مر الأزمنة، انطلاقاً من أن الحفاظ على التراث غير المادي؛ هو حماية الهويات الثقافية، حيث تتجلى قيمة التراث السمعي البصري في كونه يؤرخ لمراحل مهمة من مسيرة الوطن، ويسهم في التعريف بخصوصيات ثقافاته، ويقدم تراثًا ثمينًا يؤكد الذاكرة الجماعية، إضافة لأنه مصدر قيم للمعارف، واستحضار الماضي بالصوت والصورة. يذكر أن اليوم العالمي للتراث السمعي البصري أقر الاحتفاء به المؤتمر العام لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو" عام 2005م في 27 أكتوبر من كل عام؛ كآلية لزيادة الوعي العام بضرورة الحفاظ على المواد السمعية البصرية الهامة، والحفاظ عليها للأجيال المقبلة، واتخاذ تدابير عاجلة لحفظ هذا التراث، وضمان أن تظل متاحة للجمهور؛ وذلك حفاظاً على الهوية الثقافية للشعوب؛ في شتى المجالات السياسية والفكرية والثقافية والفنية والاقتصادية وغيرها من أوجه النشاط البشري.