لعل من أكثر ما يستوقف الزائرين لمعرض "إكسبو 2020 دبي" هو جناح المملكة العربية السعودية، الأكبر في المعرض الدولي بعد جناح الدولة المضيفة، بمساحة تبلغ أكثر من 13000 ألف متر مربع، ويقع في منطقة الفرص داخل إكسبو، في تجسيد لطموحات المملكة نحو تعزيز شراكتها مع العالم، في سياق مسيرتها التنموية الممثلة في رؤية السعودية 2030. والجناح السعودي الذي يعتمد بصورة كاملة في تشغيله على الطاقة المتجددة، ما هو إلا مقدمة لما قد تحمله للزائر جوانب الجناح التي تبرز محاور مهمة لنهضة المملكة، وتلقي الضوء على ماضيها وحاضرها، ومجتمعها الحيوي، وطبيعتها، وفرصها الاستثمارية الكبيرة. ومن داخل الجناح السعودي وتحديداً في مركز "الاستكشاف"، وهو منصة لبناء الفرص الاستثمارية، والشراكات المثمرة والمتنوعة، يظهر للزائر جدول رقمي تفاعلي مصمم على هيئة خريطة السعودية ويقدم كماً ضخماً من البيانات عن جميع جوانب الحياة في المملكة، وإلى جواره يقع متنزه الأعمال الذي يمنح المستثمرين فرصة التواصل مع قادة ورواد الأعمال من جميع أنحاء العالم لإقامة شراكات، ومناقشة الخبرات والفرص الاستثمارية المتنوعة، علاوة على رصد فرص التنمية الاقتصادية والاستثمارية، والثقافية والعلمية وغيرها من مسارات تُعنى بها المملكة. وتتيح المملكة اليوم للمستثمرين فرصاً استثمارية هائلة، تحت مظلة رؤية 2030، وأجرت عدداً من الإصلاحات في أنشطة الأعمال لتصبح بذلك ضمن قائمة البلدان العشرة الأفضل تحسيناً لمناخ الأعمال في العالم، وفقاً لتقرير مجموعة البنك الدولي/ ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020. كما عززت الإستراتيجية الوطنية للاستثمار، من جاذبية الاقتصاد السعودي وفرصه الاستثمارية الكبيرة لدى زوّار الجناح السعودي في إكسبو، من رواد الأعمال من مختلف جنسيات العالم، حيث تعد الإستراتيجية إحدى الممكنات الرئيسة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وستُسهم في نمو الاقتصاد الوطني وتنويع مصادره، عبر رفع إسهام القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، وتعزيز الاستثمار الأجنبي المباشر لتصل إسهاماته إلى 5.7% من الناتج المحلي الإجمالي، وزيادة نسبة الصادرات غير النفطية من 16% إلى 50% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وتخفيض معدل البطالة إلى 7%، الأمر الذي سيُسهم في تقدُّم المملكة إلى أحد المراكز العشرة الأوائل في مؤشر التنافسية العالمي بحلول عام 2030م. وهذا ما يلفت إليه الشباب السعوديون القائمون على عملية تعريف زوّار الجناح بالفرص التي تتيحها المملكة اليوم للمستثمرين من مختلف جنسيات العالم، حيث يتحدثون بثقة عالية أمام الزوّار عن المملكة اليوم متناولين المبادرات والمحفزات والتقارير الدولية التي تشير للإصلاحات الكبيرة في ممارسة أنشطة الأعمال في المملكة التي تُظهر التزامها بالوفاء بالركيزة الرئيسية في رؤيتها الوطنية 2030: اقتصاد مزدهر. ويعكس الجناح السعودي عبر توفيره لفرص الأعمال لرواد الأعمال المحليين وكذلك المستثمرين الأجانب، عن رؤية المملكة وتوجهاتها نحو خلق المزيد من فرص الاستثمار وتحقيق نمو مستدام وشامل للجميع. ويشير تقرير البنك الدولي الأخير في مجالات ممارسة أنشطة الأعمال، إلى أن المملكة العربية السعودية نفذت إصلاحات في ثمانية مجالات وهو أعلى عدد لها منذ بدء صدور تقرير البنك الدولي لممارسة الأعمال، كما قامت المملكة بأكبر الخطوات في مجال بدء النشاط التجاري، حيث يتكلف رواد الأعمال الآن 5.4% فقط من نصيب الفرد من الدخل لبدء مشروع تجاري، وهو أقل بكثير من المعدل الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا البالغ 16.7%، كما أجرت المملكة تخفيضات كبيرة على الحد الأدنى لمتطلبات رأس المال، مما قلل التكلفة من أكثر من 1000% من نصيب الفرد من الدخل عام 2004 إلى صفر. وبفضل إصلاح يزيد من حماية المساهمين أصحاب حصص الأقلية، تحتل السعودية الآن المركز الثالث عالمياً في هذا المؤشر ويعادل أداؤها أداء نيوزيلندا وسنغافورة، وهما البلدان الأكثر سهولة في العالم لممارسة أنشطة الأعمال. ويعد أداء المملكة مميزاً في مجالي تسجيل الملكية حيث تحتل المركز 19، واستصدار تراخيص البناء حيث تحتل المركز 28. وبمساعدة منصة جديدة على الإنترنت، تستغرق الشركات المحلية 100 يوم للحصول على جميع التراخيص والتصاريح اللازمة لبناء مستودع، بتكلفة 1.9% من قيمة المستودع، أي حوالي نصف المتوسط الإقليمي البالغ 4.4%، وبالمثل، يستغرق تسجيل نقل الملكية في السعودية 1.5 يوم، أي من ضمن أسرع بلدان العالم، وهي أيضاً الاقتصاد الوحيد في المنطقة الذي يوفر هذه الخدمة مجاناً. ويوفر الجناح السعودي هذه المعلومات وغيرها لزوّاره من المستثمرين وروّاد الأعمال والمهتمين بعقد الشراكات في المملكة. ومن خلال مُمثليّ حاضنة التحول الاقتصادي في الجناح السعودي يتم التطرق لبرنامج "صنع في السعودية" الهادف لتعزيز مرونة القطاع الخاص ومساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، إلى جانب قانون مشاركة القطاع الخاص لتسريع مشاركة هذا القطاع الحيوي في مشاريع البنية التحتية وخصخصة أصول القطاع العام. وينتقل الشباب والفتيات السعوديون المشاركون في الجناح إلى التقارير التي تلخص التطورات والإصلاحات المؤيدة للأعمال الجارية في جميع أنحاء بيئة الاستثمار السعودية، مع الاستشهاد ببرنامج "شريك"، وهو جزء من برنامج استثماري بقيمة 7.2 تريليونات دولار مصمم لتوفير دعم قوي للاقتصاد السعودي من خلال الوسائل المالية والنقدية والتنظيمية، وكذلك من خلال الاستثمار في الأصول على مدى السنوات العشر القادمة. وتحيل الأرقام والبيانات السابقة إلى حقيقة مفادها أن المستثمرين الذين زاروا الجناح وتفاعلوا مع محتواه، يتطلعون إلى ما وراء النفط في المملكة، إلى قطاعات اقتصادية سعودية أخرى، وعلى الرغم من التحديات العالمية الكبيرة بما فيها جائحة كورونا التي أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد العالمي، إلا أن الفرص الاستثمارية في المملكة تنمو بشكل مطرد، وما الجناح السعودي في معرض إكسبو 2020 دبي إلا تجسيداً لهذه الفرص التي يتيحها الاقتصاد السعودي في مسيرته التنموية الشاملة باتجاه مستهدفات رؤية السعودية 2030.