يعد اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أحد الاضطرابات النمائية العصبية الناتج عن نقص في كمية الموصلات الكيميائية (الدوبامين، والنورأدرينالين) في قشرة الجزء الأمامي (الفص الجبهي) التي تسهل للخلايا تنفيذ عملها والتواصل بين أطراف الدماغ المسؤول، وهو أحد اضطرابات الطفولة الأكثر شيوعًا، ويمكن أن يستمر خلال مدة المراهقة حتى مرحلة البلوغ. وتختلف الأعراض وشدتها بحسب مراحل العمر المختلفة، فقد تتحسن أعراض فرط الحركة عند البالغين بينما قد تستمر أعراض صعوبة التركيز وتشتت الانتباه الذي يظهر على شكل صعوبات في التركيز لمدة طويلة واندفاعية، وهي التصرف بدون تفكير في العواقب. وأوضح الأخصائي النفسي الإكلينيكي بقسم الصحة النفسية للطفل بمستشفى الملك عبد الله التخصصي للأطفال بالحرس الوطني الدكتور محمد عوده أن اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه عادة ما يوصف الطفل بأنه يسرح كثيرا أو يتململ بسرعة ولا يستطيع الجلوس هادئا لمدة طويلة، كما قد يلاحظ عليه الثرثرة والنسيان باستمرار وفقده أغراضه وحاجياته بكثرة، كما يصعب عليه انتظار دوره، وكذلك قد يصعب عليه المحافظة على علاقة جيدة بالأخرين. وبين الدكتور عوده أنه لا توجد إحصائية لأعداد المصابين باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه في المملكة، والأبحاث والدراسات تتم على أعداد صغيرة ، والأمر يحتاج إلى مسح وطني للتعرف على إحصاءات دقيقة . وقال :" من الأهمية عند تشخيص الاضطراب البحث عن الأمراض والاضطرابات المصاحبة أو المشابهة وعلاجها، حيث إن من 50-90 ٪ من الأطفال الذين يعانون من اضطراب فرط النشاط /نقص الانتباه لديهم على الأقل أحد الاضطرابات المصاحبة، ومن الاضطرابات المصاحبة صعوبات التعلم (حيث نجد ذلك من 20-40 % من الأطفال ) التي تزيد من صعوبة الحفاظ على الترتيب والاستيعاب، وأيضاً اضطراب العناد الشارد ويتصف المصابون به بكثرة الجدال وسرعة الغضب وفقدان الأعصاب، كما يعد اضطراب المزاجية من الآثار المصاحبة التي تتضمن الاكتئاب والهوس والبكاء وكذلك القلق، ويعاني المصابون بهذا الاضطراب من قلق مفرط تجاه الشؤون العائلية والمدرسية أو حتى المهنية. وأفاد الأخصائي النفسي أن هنالك العديد من إستراتيجيات التدخل العلاجي التي أثبتت فعاليتها في مساعدة الأطفال المصابين باضطراب فرط النشاط/نقص الانتباه، لذا من الضرورة التقييم الشامل للطفل ووضع الخطة العلاجية الملائمة لحاجة كل طفل، ومن هذه التدخلات العلاجية العلاج الدوائي والعلاج السلوكي. وتطرق الدكتور محمد عوده إلى أن تخوف الأهالي من العلاج الدوائي الذي يصفه الطبيب قد يسبب تأخر علاج الطفل وظهور مشاكل أخرى، أو قد يتأثر أداؤه بالمدرسة، فيما أن الطبيب المختص بتشخيص وعلاج اضطراب فرط النشاط/نقص الانتباه هو طبيب نفسي للأطفال والمراهقين، إضافة إلى اخصائي نفسي إكلينيكي لاجراء الاختبارات والمقاييس النفسية اللازمة التي يحتاج إليها الطفل. وخصصت وزارة التعليم برامج خاصة بفئة الطلاب المصابة بهذا الاضطراب سعياً إلى تقديم أفضل الخدمات التعليمية والتربوية لهم، فمن جانبها أوضحت مديرة إدارة التربية الخاصة في تعليم الرياض ابتسام الأحمد أنه خُصص (20) برنامجا مدمجا بمدارس التعليم العام في منطقة الرياض (رياض أطفال - وابتدائي - ومتوسط) ومرحلة التدخل المبكر مع تجهيزها وتوفير البيئة المكانية الملائمة وتجهيزها بالتجهيزات المناسبة وفقا لاحتياجاتهم. وأفادت الأحمد أن الإدارة سعت إلى تقديم جميع البرامج التطويرية التي تساعد على الرفع من مستوى الوعي بتلك الفئة واحتياجاتها من خلال الملتقيات التوعوية والثقافية على مستوى المنطقة، وباستضافة الكثير من المختصين والمهتمين، وكذلك عملت الإدارة للرفع من مستوى التأهيل المهني للعاملين مع فئة فرط الحركة وتشتت الانتباه من كوادر بشرية، حيث تتضمن الخطط السنوية للإدارة الكثير من البرامج التدريبية لطرق وأساليب التعامل الحديثة، تستهدف فيها معلمات التربية الخاصة والتعليم العام لضمان تقديم أفضل الخدمات للطالبات.