تعرض الأخضر لكرة القدم الطامح للقب البطولة الخليجية إلى الخسارة برباعية من المنتخب العراقي الشقيق، ليسجل مركزاً سادساً في بطولة الأخوة، أي قبل الأخير في قائمة المنتخبات المشاركة. حينها كان المدرب الشاب خليل الزياني يلتف مع لاعبي فريقه الاتفاق أمام المذياع في ملعب ناديهم بالدمام، لسماع الوصف الحي لمباراة منتخب بلادهم، الذي كساه بسببها حزن وصدمة، حلت مكان تفاؤلٍ كبير كان يحدوه، فلم يكن في حسبانه، ومثله الجماهير السعودية الحاضرة هناك في ملعب الشرطة العمانية، وما فتئت تهتف مطالبة بإسناد مهمة التدريب إليه بأهزوجة "حيّوا الزياني حيوه". في أعقاب هذه المباراة، تردد اسم هذا المدرب داخلة أروقة معسكر الأخضر، لاسيما عندما بدأت المؤشرات تتوالى في مسألة خلافته الوشيكة للبرازيلي ماريو زاغالو ، حتى أمسى الأمر واقعًا بحلول منتصف الليل، عندما ورده الاتصال من المسؤول الرياضي الأرفع، وصاحب القرار الأول، صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز "رحمه الله"، يدعوه للحضور إلى اجتماع المنتخب الوطني المقرر انعاقده قبيل ظهيرة اليوم التالي، وتحديداً عند ال 11.00ص في مسقط. ولبّا الزياني نداء الوطن دون تردد، عندما دلف من منزله في حي ميناء الملك عبد العزيز ، متجهاً إلى حي الناصرية، حيث يقطن مساعده (راشد خليفة)، ليبلغه بقرار تعيينهما على رأس الجهاز الفني للمنتخب الوطني، وهو ما يحتم التوجه إلى السلطنة في أول رحلة إلى مسقط، وهو ما كان، فعند السابعة والنصف من صباح يوم الأحد الموافق 18 مارس (آذار) 1984م، حزم المدربان الوطنيان حقائبهما نحو مطار الظهران، مستقلان الطائرة الخاصة المتجهة إلى العاصمة العمانية، ليأخذ الأخضر بحماس ابن الوطن المخلص، وبموهبة تدريبية فذة وخبرة لاعب سابق صال وجال في المستطيل الأخضر ، فبات الميدان لعبته الخاصة، ومضى بالأخضر نحو المركز الثالث بعد أن حقق الأفضلية في الثلاث مباريات متبقية، إلا أن الطموح كان أكبر من ذلك، فخلال 9 أشهر من ذلك التاريخ، قاد خليل الزياني الكرة السعودية إلى أولى إنجازاتها التتويج بكأس آسيا 1984، وقبله التأهل إلى أولمبياد لوس أنجليس، بلا خسارة. ويقول المدرب المتوج قاريًا: "كان الأمير فيصل بن فهد منزعجًا من الخسارة في البطولة الخليجية.. وبادرني بالسؤال قبل أن أبدأ مهمتي: ما الذي ستقدمه؟"، فكان ردّي: "سأتقصى الأسباب خلف الخسارة، وسأجري برنامجًا لتعديل مسار المنتخب، وربما لاحقًا سيكون عليّ أجراء تعديلًا طفيفًا، لأن هناك لاعباً سيكمل منظومة هذه الكوكبة.. الصغير سناً والكبير موهبةً (محيسن الجمعان)". ويدين المدرب السعودي بالفضل في إنجازات 1984م، إلى الجهود الجماعية اللاعبين والفنيين.. وإدارياً لقائد المرحلة الأمير فيصل بن فهد بن عبدالعزيز، ومعه الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز، يقول: "أنا مدين لهم جميعًا، ولكل ما قدموه من تضحيات"، والحقيقة أن اسم الوطن حمله أبناءه على أكتافهم حتى بلغوا به منصات التتويج أبطالاً، فرفعوا اسم وطنهم واستقروا به على قمة القارة، ليكون بعد ذلك رقماً صعباً وفريق لا ينام منافسيه في الليلة التي قُدّر لهم اللعب ضده.