مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الدكتور صالح بن محمد آل طالب المسلمين بتقوى الله في السر والعلانية مؤكدا أنها الباعث على الصلاح والحاجز عن الإثم وهي العدة والرابط الوثيق على القلوب عند الفتن وهي الزاد للآخرة.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بمكة المكرمة : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فكان مطلَعَ الصبحِ الصادق، في ليل الإنسانية الغاسق، ومن سنا القرآن وجذوته تتبدد الظلم ، وبالتماس الأمة هديَها من هداه وريها من رُواه يجمع الله لها شعث أمرها ويبدد حالك ليلها ، وحقيق بالأمة أن تعود إلى هذا القرآن في كل حين، فتنهلَ منه نَهْلَ الظامئين، لا عودةً إلى قراءته فحسب، ولكن إلى تأمل معانيه، وتدبر آياته، وبثِّ حقائقه في حياة الناس، لتكون قضايا القرآنِ الكبرى هي قضايا الناس، كقضايا التوحيد والبعث والرسالة، ولنعظمَ ما عظمه القرآن من العقائد والشرائع والأخلاق، ونعطيَ كل قضية بقدر ما أعطاها القرآن، إن فعلنا ذلك فقد صدقنا في العودة إلى القرآن، وما أحوج الأمة الغافلة، المشغولةَ عن الفرض بالنافلة، أن تعودَ إلى كتاب ربها وتهتديَ بهداه.
وأفاد فضيلته أن من قرأ القرآن العظيم رأى قضيةَ الإيمان باليوم الآخر والبعثِ والنشور، حاضرةً فيه أتمَّ الحضور، كررها الله تعالى في مواضع من كتابه، وأعاد القرآن فيها وأبدى، وضرب لها الأمثالَ والآيات، وجادل فيها المشركين، وأمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يقسم عليها، في ثلاثة مواضع من كتابه، قال الله تعالى: (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير)، وقال سبحانه: (وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالمِ الغيب)، وقال عز وجل: (ويستنبؤونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين).
وقال الدكتور آل طالب : ولهذا كان الإيمانُ باليوم الآخر ركنا من أركان الإيمان، التي بينها القرآن أوضح بيان، قال تعالى: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين)، وفي حديث جِبْرِيل المشهور عليه السلام لما أتى يعلم الأمةَ أمرَ دينها، والذي وردت فيه معاقد الدين وحجزه" قال: فأخبرني عن الإيمان ؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره، قال: صدقت".
وبين الدكتور صالح آل طالب أن خير الأدواء لأمراض القلوب المواعظ، ومن أعظم العظات تذكر اليوم الآخر، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، مالهم من الله من عاصم، يومٌ تذوب فيه بين العالمين الفوارق، وتبين فيه وجوه الحقائق، يومٌ تنطفئ فيه من النفوس حظوظها، وانتصارُها لآرائها وأفكارها، يوم يعرضُ العبد على ربه ليس معه أحد، ولا تخفى على الله منه خافية، ويكون فيه اللقاء الأعظم والمواجهة الكبرى، إنها مواجهة الإنسان بكل ضعفه مع الله جل جلاله، حيث لا تخفى عنه يومئذ خافية، والأسرار في علمه سبحانه ظاهرةٌ علانية، مبيناً أن لحظات البعث بعد الموت وبدايات استهلال الحياة بعد الفناء وأهوال يوم المطلع مشهدٌ طالما أمَضَّ قلوب العارفين وأطال السهاد في أعين المتعبدين وانخلعت له أفئدة الموقنين، ففي يوم ليس كسائر الأيام وعلى عرصات لا حياةَ فيها ولا أحياء ، وفي سكون هذا الكون العظيم، وبعد فناء الخلائق أجمعين، وحين يأذن ربُّ العالمين، تمطر السماء أربعين صباحا مطرا غليظا كأنه الطَّل، فتنبتُ منه أجساد الناس كما ينبت البَقْل ، وقد بَلِي من الناس كلُّ شيء إلا عَجْبَ الذَّنَب، وهو العظم المستدير الذي في أصل الظهر، ومنه يُركَّب الخلق، ثم ينفخ إسرافيل عليه السلام في الصور، نفخة البعث والنشور، فتعادُ الأرواح إلى الأجساد، (ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون)، وتتشقق القبور عن أهلها، ويخرج الناس أجمعون، من لدن آدمَ عليه السلام إلى أن تقوم الساعة ( ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا) (إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون)، فتصور في نفسك الفزعَ لصوت تشقق الأرض وتصدعها، وخروجِ الناس كلِّهم من قبورهم، وقيامِهم لله قومة واحدة: (فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون)، تتشقق عنهم القبور، وقد لبثوا فيها الأعوام والدهور، في نعيم أو عذاب، في فسحة أو ضيق، وأول من ينشق عنه القبر محمد صلى الله عليه وسلم يقول عليه الصلاة والسلام " أنا سيدُ ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع وأول مشفع".
// يتبع //
15:32ت م
0053

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
وأفاد فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن الناس يساقون إلى أرض المحشر وهي أرضٌ بيضاءُ نقية، ليس فيها معلم لأحد، (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفا * فيذرها قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا) .. يحشر المؤمنون إلى العرصات (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا)، ويُحشر المجرمون يومئذ زرقا، واجفة قلوبهم، خاشعة أبصارهم، شاخصة لا ترتد إليهم، ويحشر الكافر على وجهه، ويحشر المتكبرون كأمثال الذر في صورة الرجال وتحشر الخلائق كلُّها، حتى الوحوشُ والبهائم (وإذا الوحوش حشرت) (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء ثم إلى ربهم يحشرون)، (قل إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم) (ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود)، ( ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا ) وإذا جمع الله الأولين والآخرين يرفع لكل غادر لواء يقال هذه غدرة فلان ابن فلان، ويأتي كل امرئ بما غل يحمله على ظهره، من ذهب أو فضة أو غير ذلك، قال صلى الله عليه وسلم: "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني، فأقول: لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك". والغلول هو ما أخذ من مال المسلمين العام بغير حق ( ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ) , (وأشرقت الأرض بنور ربها ) فأضاءت حين يتجلى الحق تبارك وتعالى للخلائق لفصل القضاء ووضع الكتاب، وجيء بالنبيين: يشهدون على الأمم بأنهم بلغوهم رسالات الله إليهم، والشهداء من الملائكة الحفظة على أعمال العباد من خير وشر، (وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون ) . ( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين ) ترى الوجوه يومئذٍ إما مبيضة أو مسودة . وترى الموازين طائشة إما ثقالاً وإما خفافا . وترى الكتب إما في ميامن الأيدي أو في شمائلها.
وقال فضيلته : لله ما أعظم ذلك الموقف، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، يطول على الناس الوقوف، وتدنو منهم الشمس على قدر ميل، ويعرقون على قدر أعمالهم، وأناس في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظله، حتى يأذن الله بالشفاعة لمحمد صلى الله عليه وسلم في الفصل بين الخلائق، وينيلَه المقام المحمود، فصلى الله على محمد في الأولين وفي الآخرين.
وأوضح الدكتور صالح آل طالب أن الإيمان باليوم الآخر وبالبعث والنشور كفيلٌ بتصحيح مسار الحياة، وأن تنبعث الجوارح إلى الطاعات، وتكفَّ عن المعاصي والسيئات، وآيات القرآن تبين هذا المعنى وتظهر علاقة الإيمان باليوم الآخر بفعل الطاعات والكف عن المعاصي، يقول الله تعالى: (إنما يعمر مساجد من آمن بالله واليوم الآخر)، ويقول سبحانه: (واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون) ويقول لنبيه: (وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل)، وفي آيات الطلاق: (ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم وأطهر) ، مؤكدا أن الإيمان باليوم الآخر يصنع إنسانا جديدا، له أخلاقه وقيمه ومبادؤه، ونظرته إلى الحياة . لا يلتقي إنسان يؤمن بالآخرة ويحسب حسابها مع آخرَ يعيش لهذه الدنيا وحدها، ولا ينتظر ما وراءها، لا يلتقي هذا وذاك في تقدير أمر واحد من أمور هذه الحياة، ولا قيمةً واحدة من قيمها الكثيرة، ولا يتفقان في حكم واحد على حادث أو حالة أو شأن من الشؤون، فلكل منهما ميزان، ولكل منهما نظر يرى عليه الأشياء والأحداث والقيم والأحوال، كما أن الإيمان باليوم الآخر يزيل الشبه الواردة على القلوب والعقول، وضعف الإيمان بذلك اليوم ينبت في القلب الشكوك والشبهات، قال الله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة ولِيَرضوه ولِيقترفوا ما هم مقترفون)، مشيرًا إلى أنه متى آمن العبد باليوم الآخر، وأيقن بما بعد الموت، تقشعت عنه كثير من الشبهات، ومن قرأ القرآن بقلب حاضر أسفر صبح فؤاده، فإنه كلام الله، وفيه الشفاء لأمراض القلوب والأبدان، (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا).
وبين أن المؤمنُ بالله واليوم الآخر مرتاحُ الضمير، مطمئنٌ إلى مستقبله النضير، يؤمِّل رحمةَ الله وعفوه وإحسانه، ويخشى ربه ويخاف عذابه، يدرك أنَّ بعد هذا اليوم يوما، وأن وراء الدنيا آخرة، إن فاته شيء من الدنيا فهو يرجو العوض في الآخرة، وما وقعت عليه من مصيبة فإنه يحتسبها، وإن رأى نعيما في الدنيا تذكر نعيم الآخرة، يقرأ قول الله: (وما هذه الحياة الدنيا إلا لهو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)، يعمل في دنياه كما أمره الله، ويحسنُ إلى الناس، ويعمرُ الأرض، يؤمن أن الآخرة تُعدِّل ما مال في هذه الدنيا من موازين، وتخفضُ ما ارتفع من الباطل: (إذا وقعت الواقعة ليس لوقعتها كاذبة خافضة رافعة)، اللهم اجعلنا ممن يؤمن بالآخرة أعظم الإيمان، ويوقن بها حق اليقين . واجعلنا عند الفزع من الآمنين ، وإلى جناتك سابقين .
// يتبع //
15:32ت م
0054

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي/ إضافة ثانية واخيرة
وفي المدينة المنورة حثّ فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالرحمن البعيجان على اغتنام ما بقي من شهر رمضان بالإكثار من العبادات, والإقبال على الله بالقربات, والتنافس في أعظم مواسم الطاعات, وتحري ليلة القدر في العشر الأواخر من الشهر الفضيل.
وبين أن شهر رمضان أخذ في النقص والاضمحلال, وشارفت لياليه وأيامه على الانتهاء والزوال, داعياً إلى تدارك ما بقي من شهر رمضان بصالح الأعمال, والمبادرة بالتوبة لذي العظمة والجلال, وعدم التفريط فيما بقي من الشهر الفضيل, ففي ذلك حسرة للخائبين, ومصيبة للغافلين.
وقال الدكتور البعيجان : "صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال آمين, آمين, آمين, : (فلما نزل سئل عن ذلك, فقال عليه الصلاة والسلام : أتاني جبريل فقال : رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له, فدخل النار فأبعده الله, فقل آمين, قلت آمين, ورغم أنف رجل أدرك والديه أو أحدهما فلم يبرهما, فمات فدخل النار فأبعده الله, قل آمين : قلت آمين, ورغم أنف من ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين, فقلت آمين).
وأوضح فضيلته أن الأعمال بالخواتيم, داعياً إلى الاجتهاد في الأيام المتبقية من الشهر الفضيلة, وأن العشر الأواخر أثقل الأوقات وأعظم مواسم الخير والطاعات, وأحرى وأجدر بالجد والقربات, ولئن كانت الطاعة في سائر أيام هذا الشهر المبارك فضيلة, فهي في العشر الأواخر منه أعظم فضلاً, وأرفع قدراً, وأجزل أجراً, فهي عشرُ إقالة العثرات, وتكفير السيئات, واستجابة الدعوات, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد فيها ما لم يجتهد في غيرها, فكان إذا دخلت شدّ مئزره, وأحيا ليله وأيقظ أهله, داعياً إلى الحرص عليها بوصفها مغنما عظيما, هنيئاً لمن ربح فيها وفاز بخيرها وفضلها.
وبيّن الشيخ البعيجان أن في العشر الأواخر من رمضان ليلة خير من ألف شهر, تنزل فيها الرحمات, وتستجاب فيها الدعوات, وتكفّر الخطيات, وتغفر الزلات, من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن فرّط فيها وحرم خيرها فهو الملوم المحروم, إنها ليلة القدر مطلب المؤمنين, ,رجاء الصالحين, وأمنية المتقين, فيها تكتب المقادير, ويفرق كل أمرٍ حكيم, واجتهدوا في تحريها, وجدوا في طلبها, وتضرعوا إلى الله فيها, فهي والله الغنيمة الباردة العبادة فيها خير من عبادة ألف شهر, وحريّ من التمسها ألا يخيب, والله ذو الفضل العظيم قال تعالى : " إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ".
وقال فضيلته :" إن الاعتكاف هو لزوم المسجد للعبادة, وحبس النفس عن الشهوات والملذات, والإعراض عن الدنيا وفتنها والشواغل والملهيات, والاستئناس بمناجاة الله سبحانه, والعزلة والانقطاع عن المخالطة واللهو والعبث, ومحاسبة النفس وتجديد العهد مع الله, وصقل القلب وتطهيره مما قد تشبّث به من درن هذه الحياة, إذ شرع الله تعالى الاعتكاف في المساجد, وأمر بتهيئتها لذلك, فقال سبحانه :" وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ", مضيفا ًأن الاعتكاف سنة, ولكنه في شهر رمضان أحبّ, وفي العشر الأواخر آكد, فعن عائشة رضي الله عنها قالت : (كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل).
ودعا إمام وخطيب المسجد النبوي المعتكفين ورواد بيوت الله إلى معرفة حقّ المساجد والتأدب بآدابها, وحفظ مكانتها وفضلها, , والتزام السكينة والوقار فيها, بوصفها بنيت للعبادة, وعدم اتخاذها ملهى وسوقاً, وعدم إيذاء المصلين والمعتكفين فيها, ففي ذلك تعطيل لهم عن العبادة, وإزعاج وتشويش على خشوعهم, مضيفاً أن المعتكفين جاءوا لبيوت الله للعبادة, والانقطاع عن الدنيا, والإقبال على الآخرة, داعياً جموع المعتكفين إلى الإقبال إلى الله بقلب واجف, والتضرّع إليه بذل وخضوع وانكسار, فلا تلهيهم المعوقات, ولا ينشغلوا بالأجهزة والهواتف, والقيل والقال, وأن يحفظوا للمساجد حرمتها.
وقال فضيلته:" إن الرئاسة العامة لشؤون الحرمين بذلت جهداً مشكوراً في استقبال المعتكفين, وقامت بتهيئة سطح المسجد النبوي وتجهيزه وإعداده وتخصيصه للمعتكفين, وتقوم على خدمتهم ", داعياً إلى الالتزام بالتنظيم والتعليمات, تعظيماً لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخدمة لضيوفه, وإعانة للعباد على الطاعة رجاءً للثواب والأجر, وامتثالاً للشرع, امتثالاً لقوله تعالى "وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت ألا تشرك بي شيئاً وطهّر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود" داعياً الله جل وعلا أن يتقبل من المعتكفين وجميع المسلمين سائر طاعاتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.