أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور خالد الغامدي المسلمين بتقوى الله في السر والعلن فالمتقون هم أولياء الله حقاً وصدقاً الذين لا خوفُ عليهم ولا هم يحزنون. وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم : حجاج بيت الله, كم لله عليكم من نعم تترى وآلاء تتوالى فهو الذي حرك قلوبكم حباً وشوقاً إلى الحج والمشاعر المقدسة وهو الذي يسر لكم الوصول إلى هذه البلاد المباركة ثم وفقكم وأعانكم على أداء مناسككم والوقوف بهذه المشاعر والشعائر التي هي إرثُ من إرث الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، فأشكروا له سبحانه وأحمدوه على نعمة الحج وأداء المناسك في سابغة من الأمن والأمان واليسر والراحة. وأضاف قائلاً: إن من شكر الله شكر من أسهم مساهمة فاعلة في نجاح موسم الحج لهذا العام ، وكان له الفضل بعد الله تعالى في تيسير مناسك الحج للحجاج والقيام على خدمتهم وراحتهم وأمنهم وسلامتهم وعلى رأسهم قيادتُنا وولاةٌ أمرنا ، ورجالٌ الأمن الأوفياء والمسؤولون في كل القطاعات ، فشكر الله لهم وكتب أجرهم وأثابهم من عنده أجراً عظيماً. وأوضح فضيلته أن من رحمة الله بعباده المسلمين أن جعل لهم في كل عام مواسم للطاعات والخيرات يتزودون منها ويقفون فيها وقفات مع النفس والعقل والقلب للمحاسبة والتذكير والإرشاد ليصححوا المسار ويتداركوا ما فات وفرط من حياتهم ويتبصروا طريق سيرهم ، وقال: حين تشتد الأجرةٌ وتلفح الوجوه سمومٌ التبديل والتخذيل ، وتتألم النفوس من سطوة المعاصي والأهواء وينتشر غبار الفتن والمحن فيزكم الأنوف وتتغير القلوب وتنتقض عري الأخوة والألفة ويقف الشيطان متسبباً بالتحريش بين المسلمين بعد أن يئس أن يعبده المصلون فإن الملجأ والمهرب يكون إلى الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والأصول المتينة والكليات المحكمة. وأردف قائلاً: إن الرًي والرًواءَ والمرتعً الخصبً والصفاء يكون في حمى الوحي الإلهي وفسطاط التسليم للكتاب وفهم الصحابة رضي الله عنهم ، ولا زال المصلحون والمقسطون من العلماء والعاملين والحكام العادلين يثوبون إلى ذلك المأرز المنيع ، ويحتمون بذلك الحمى الرشيد ، منعاً لنظام شرر الفرقة والنزاع والتنازل عن ثوابت الدين، وإضلال الأئمة المضلين الغاوين ، واستيلاء فتن الشبهات والشهوات على فئةُ من الأنام ، معتقدين يقيناً أنه لن يٌصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها وإن أعظم ما صلُحت عليه عقولٌ وقلوب أول هذه الأمة هو التسلُيم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم وعدمٌ معارضة نصوص الوحي بشبهة أو شهوة ، ولن يثبت قدم الإسلام في القلب إلا على قاعدة التسليم. وبين فضيلته أن منهج التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الذي تربى عليه الحجاج طيلة أيام حجهم ، وفي كل المناسك والشعائر والمشاعر ، تُسليم مٌطلق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، في طمأنينة وسكينة وفرح بلا اعتراض ولا ضجر ولا ملل ولا سأم ، مشيراً إلى أن هذا من أعظم مقاصد تشريع الحج وغاياته حيث ظهر هذا التسليم القلبي والعملي في مناسك الحج في مواطن كثيرة منذ أن يلبس المسلم لبس الإحرام ويبتعد عن كل ما متعه الله منه حال إحرامه ، ويلبي تلبية السلام والاستسلام لله ، ثم يتدرج بعد ذلك في مناسك الحج وشعائره من وقوف بعرفة ومبيت بمزدلفة ومنى وطواف وسعي ورمي وحلق ونحر ، وكلها تشهد بأن أعظم آثار الحج وثماره التي تفيض على المسلم أن يتحلى بعبوديته التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم متذللاً لربه معترفاً بعجزه وتقصيره مفتقراً إلى رحمة ربه ورضوانه الذي بيده كل شيء وإليه ترجع الأمور. ولفت إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن التسليم لله ولزوم غرز البنى هو عنوان الصديقية وقاعدة الولاية الربانية ، والاختبار الحقيقي لأعمال العبد وإسلامه كما قال سبحانه [فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا] ولا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، [ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ ] فمن سلم عقله وقلبه وجوارحه لفاطره ومولاه سبحانه رضي الله عنه وأرضاه ورزقه الحياة الطيبة وعاش في حياته بنور من الله وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسلم من الآفات والشرور والأنكاد والهموم ، لأنه سلًم لله وأسلم وجهه لمولاه فسلمه الله وحفظه وسدده [وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ] وقال: ليس هناك أحدٌ خيراً وأفضل ممن سلّم لله وأسلم له [وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا ] واقتران ذكر نبي الله إبراهيم عليه السلام مع إسلام الوجه لله دليل على أن هذه هي الملة التي يرضاها الله ويحبها ، وأن خليل الله إبراهيم هو أعظمُ الأنبياء بعد نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذين حققوا التسليم والاستسلام لله تعالى, فاقترن أعظمُ مطلوب بأعظم نبي بعد نبينا محمد عليه السلام ، كما شهد الله له بذلك في قوله [ وَإِنَّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ]. // يتبع // 15:49ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى وأفاد الدكتور الغامدي أن التسليم لله كان شعار أبي الأنبياء إبراهيم (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] وابتلاه الله بكلمات فأتمهن فجعله الله إماماً [ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفاً ] ، أمره ربه بالصدع بدعوة التوحيد فسلّم أمره لله وجهر بالتوحيد ودعا إليه أمام الملأ وحاورهم وجادلهم ثم أمره ربه بأن يحمل ولده إسماعيل وأمه هاجر عليهم السلام ليضعهما في مكة في وادٍ غير ذي زرع ولا قريب ولا أنيس فسلّم أمره لربه ونادته هاجر يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنس ولا شيء ؟ قالت له ذلك مراراً وهو لا يلتفت إليها ثم قالت له: اللهُ أمرك بذلك ؟ قال : نعم قالت: إذا لا يضيعنا الله ، فهل ضيعه الله ؟ كلا والله ، بل أكرمهن ورفع شأنهم وأقبل إليهم بقلوب الخلق من كل مكان وجعلها تفد إليهم بالبر والرحمة وخلد ذكرهم في العالمين ، ثم أمر الله خليله إبراهيم ببناء البيت فرفع القواعد وشيد المباني وأذن في الناس بالحج فأتوا من كل فج عميق ، ثم كان الاختبار الأصعبُ والامتحان الأعظم الذي لا يكاد يتحمله أحد حين أمره ربه بذبح ابنه وفلذة كبده النبي الكريم إسماعيل بعد أن شب واستوى وبلغ معه السعي وأصبح أكثر حاجةً إليه من ذي قبل ، فسلم إبراهيمُ لأمر ربه وأضجع ابنه إسماعيل وأسلما أمرهما لله مرتلة للجبين ولما كاد أن يذبحه ناداه ربه [ يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين إن هذا لهو البلاء المبين]. وقال فضيلته: نعم إنه أعظم امتحان للتسليم لأمر الله الذي يرتقي به العبد في مدارج الإحسان والكمال والدرجات العلى ، ولذلك جزى الله إبراهيم الخليل أعظم الجزاء وفدى ابنه الذبح بكبش عظيم جعل ذلك سنةً للمؤمنين إلى يوم القيامة ، وأقام له لسان صدق في الآخرين وجعله إماماً للعالمين [وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ]. وأكد أن من سلم لله أمره ورضي لشرعه وقدره ولزم غرز النبي صلى الله عليه وسلم وأقتفى أثره ولم يعترض ولم يتسخط فلا يخاف الصنيعة ولا يخشى ، ولا خوف عليه فلن يضل ولن يشقى ، وذلك كله قبس من آثار التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم الذي هو من أعظم وأجل مقاصد تشريع عبادة الحج ، فيرجع الحجاج إلى ديارهم وقلوبهم مليئة بعبودية التسليم لله بعد أن تعودوا عليها وألفوها طيلة أيام الحج فيستقبلون حياتهم من جديد بصفحة بيضاء يملؤها الرضا بالله رباً ومدبراً وشرعاً وحاكماً وإلهاً والرضى بمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً ، ويسلمون لله ويلزمون غرز نبيهم صلى الله عليه وسلم ويعبدون الله على جناحي الخوف والرجاء حباً لربهم وتسليماً لأمره حتى يأتيهم اليقين وهم على ذلك [أمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ]. وقال فضيلته: إن التسليم لله والرسول صلى الله عليه وسلم مقام عظيم ومنزلة جليلة ، وهو دليل على صدق الإيمان وخلوص النية وطهارة القلب من أدران الشرك والوثنية ،والبدعة الرديّة ، والمعصية الدنيئة وهذه الثلاثة هي أصول الشر وركائز البلاء والفساد ، وحقيقة التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم أن يسعى العبد سعياً حثيثاً في تخليص قلبه من كل شبهة تعارض الخبر الإلهي ، أو شهوة تخالف الأمر والنهي ، أو إرادةٍ تزاحم الإخلاص لله ، أو اعتراض يعارض الشرع والقدر فإذا حقق العبد ذلك فقد صفي قلبه وصار قلباً سليماً صحيحاً ، طاهر من كل مرض وآفة تفسده وترديه وتضعفه ، ولا ينجو في الدنيا ولا في الآخرة إلا صاحُب القلب السليم المخبت لله المطمئن لأمره ووعده [يوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ]. وأوضح أن العبد الموفق المسدد لا يعارض خبر الله الصادق بشبهة حائرة زائفة وبدعة فاسدة ولا ينازع الله في أسمائه وصفاته وأفعاله بتأويلات وتحريفات فاسدة ، ولا يخالف أوامر الله ونواهيه بشهوات وأهواء زائفة ، ولا يزاحم إرادة الله والإخلاص له بمراءاة الخلق والتسميع بأعماله وأفعاله فتصبح أعماله [كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ] ، ولا يعترض على الله في حكمه القدري والشرعي فلا يتسخط ولا يجزع ولا يرد شرع الله ولا ينازع الله في أمره وخلقه بل يعلم أن الله [ له الأمر والخلق] وحده لا شريك له. وأشار فضيلته إلى أن التسليم على الحقيقة هو في تخلص العبد من كل هذه النازعات ، وتطهير قلبه وعقله من كل هذه المعارضات وتربية العقل والقلب والجوارح على التسليم لقول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً مطلقاً بلا منازعات ولا معارضات ولا شكوك ولا تأويلات ولا تحريفات ، [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ]. // يتبع // 15:49ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية وقال إمام و خطيب المسجد الحرام: هذا هو القلب السليم الذي سلّم لله فسلم من فتن الشهوات ، فلا يقبل الفتن وإذا عُرضت عليه فإنه يردها وينكرها لأنه قلب متجرد لله مخلص منيب عامر بالتسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلما رد الفتن وأنكرها نُكتت في قلبه نكتةُ بيضاء حتى يصبح قلبه أبيضً مستنيراً بسراج الإيمان المزهر ، وفي مقابل هذا القلب السليم صاحب القلبُ المميتُ القاسي المطبوعٌ عليه الذي كلما عُرضت عليه فتنةٌ من فتن الشبهات والشهوات قبلها وتشربها فتنكت في قلبه نكتةٌ سوداءٌ حتى يعود قلبٌه أسودً منتكباً قد خٌتم عليه وطٌبع فلا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب من هواه. وأضاف قائلاً: بين هذين القلبين القلب السليم والقلب الميت قلبٌ مريضٌ متقلبٌ لا يثبت على حال ولم يتمكن فيه الإيمان وصدقٌ التسليم لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ولم يتجرد قلبٌه تماماً للحق فلذلك تراه تارةً يجاهد نفسه في التخلص من فتن الشبهات والشهوات فيكون مع أهل الإيمان ، وتارةً يقبل الفتن ويضعف أمامها فيتخلق بأخلاق أهل المعاصي والنفاق ، ففي هذا القلب المريض مادتان تمده مادةٌ إيمان وصلاح ، ومادةٌ هوى ونفاق وهو في عاقبة امره لماغلب عليه منهما. وأكد أن مدافعة فتن الشبهات والشهوات ومجاهدة النفس في ردها وإنكارها أمر ضروري ويتحتم من أراد النجاة وسلامة قلبه وطهارة نفسه ، وليس هناك أخطر على القلب من استيلاء فتن الشبهات والشهوات عليه وامتلائه بهما وقبوله لكل فتنة تعرض عليه ، وقال: إن خطورة تشرب القلوب بفتن الشبهات والشهوات تكمن في أنها تفسد على العبد تصوره للحقائق والعلوم النافعة بالشبهات والمعارضات والشكوك فتنحرف عقائده وأفكاره ويقع في البدع والشرك والإلحاد [وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ] ، وكذلك هي تفسد على العبد تعبّده وإرادته فيخلد إلى الأرض ويتبع هواه وشهواته وتأسره مطامعه ويكون كما قال الله [مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْض أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ ]. ولفت الشيخ الغامدي إلى أن عرض الفتن على القلوب لا ينجو منه أحد, متسائلاً ما هو الموقف الصحيح من ذلك وكيف النجاة من خطرها ؟ وقال: ثبت في صحيح مسلم عن حذيفة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً ، فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء ، وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء ، حتى تعود القلوب على قلبين : قلب أسود مربدا كالكوز مُجَخِيّاً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً ، إلا ما أشرب من هواه ، وقلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة ما دامت السماوات والأرض] . // يتبع // 15:49ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة وفي المدينةالمنورة تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبد المحسن القاسم عن العمل الصالح والمداومة عليه وأن فيه سعادة البشر وعمارة الأرض, قال تعالى ((مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى? وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ? وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )) . وأوضح فضيلته أن العمل الصالح يرضاه الله ويتقبله فهو تعالى لا يقبل إلا طيباً, مشيراً إلى أن أصل قبول الأعمال الإيمان بالله والسعي في رضوانه, قال جل من قائل ((وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى? لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَ?ئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا )) . وبين الشيخ القاسم أن عمل الكافر مردود عليه يوم القيامة قال جل في علاه ((وَقَدِمْنَا إِلَى? مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا )) ولكنه يطعم في الدنيا بحسناته, قال صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يظلم مؤمنًا حسنة ، يعطى بها في الدنيا ، ويجزى بها في الآخرة ، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا ، حتى إذا أفضى إلى الآخرة ، لم تكن له حسنة يجزى بها ). وأوضح فضيلته أن من أظهر الإسلام وأبطن خلافه فإن عمله مردود, عليه قال تعالى ((قُلْ أَنفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ ? إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ )) مضيفاً فضيلته أن الإخلاص في العمل هو مدار العبادة وشرط لقبولها, قال الله تعالى ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا )) . وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الدين الإسلامي يقوم على أصلين عبادة الله وحده بلا شريك له وبما شرعه تعالى أو شرعه رسوله صلى الله عليه وسلم فهما حقيقة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, مشيراً إلى أن ملاك هذه الأعمال النية فكل عبادة لا تصدر إخلاص نية وحسن طوية لايعتد بها كما أن متابعة النبي صلى الله عليه وسلم شرط لقبول العمل وبغيرها العمل مردود قال صلوات الله وسلامه عليه ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ), مضيفاً أن تقوى الله في العمل حري بها أن تقبل في العمل الصالح فالطاعة بعد الطاعة دليل على قبول العمل . وبين الشيخ القاسم أن صلاح الجوارح واستقامتها ثمرة قبول الطاعة و محبة الله لصاحبها ففي الحيث فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: «ما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها بي يسمع بي يبصر بي يبطش وبي يمشى، ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذ بي لأعيذنه وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي عن قبض روح عبدي المؤمن من يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه» . // يتبع // 15:49ت م
عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة رابعة واخيرة وأكد أن الشكر سبيل قبول العمل وطريق لزيادة العمل, قال جل وعلا (( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ? وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ )) . وبين الشيخ القاسم أن النفاق عمل بغيض وشر وخيم, قال تعالى ((أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ? فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى? عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ? فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ? أُولَ?ئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ? وَكَانَ ذَ?لِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا )), كما أن المشاقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمخالفة أوامره فساد للعمل وبطلانه, قال الله تعالى ((إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى? لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ )), مشيراً إلى أن من محبطات الأعمال رفع الصوت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال جل من قائل ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ )) . وأكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي على أن حفظ العبادة لله وحده مطلب في الإسلام و دوامها أساس الشريعة, قال تعالى (( قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ ? وَبِذَ?لِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ )) حاثاً المسلمين على الاهتمام بقبول العمل وحفظ الطاعة فحفظها أشد من العمل ولزوم عبادة الله فهي سبيل النجاة .