تسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مقر الهيئة بالرياض الثلاثاء الماضي، قطعة أثرية نادرة يعود تاريخها إلى ما قبل 6 آلاف سنة من المواطن محمد بن هليل البلوي من منطقة تبوك الذي بادر بإعادتها للهيئة. وقام سمو الأمير سلطان بن سلمان بمنح البلوي مكافأة وشهادة تكريم لتفاعله مع توجهات الدولة ممثلة في هيئة السياحة والتراث الوطني، ومقتضيات نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الذي يؤكد أن الآثار مملوكة للدولة ويدعو المواطنين والمقيمين بالحفاظ عليها وتسليم القطع الأثرية للهيئة. وجرى استلام القطعة بعد اختتام اجتماع مجلس إدارة الهيئة وبحضور عدد من أعضاء المجلس. وثمن سمو الأمير سلطان بن سلمان مبادرة المواطن البلوي، مؤكدا أن هذه المبادرة بتسليم القطعة الأثرية النادرة تأتي متزامنة مع بدء استعدادات الهيئة لإقامة ملتقى الآثار الوطنية برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - في شهر ذي الحجة القادم، الذي يعد موضوع استعادة القطع الأثرية أحد مساراته الرئيسة، لافتاً الى أن الهيئة قطعت شوطاً كبيرا في هذا المجال. وشدد على ضرورة أن يكون لدى المواطنين وعي عن كيفية التعامل مع معثورات الآثار، مشيراً إلى أن بعض المواطنين المخلصين عندما يجدون آثاراً يحفرون لاستخراجها ويقومون بتسليمها وهذا خطأ شائع، لأن 50% من قصة الأثر تكمن في المكان، لذا يجب أن يتركوها في مكانها حتى لا تخسر قيمتها البحثية والعلمية، ولا يخبرون أحدا سوى مكتب الآثار ليتولى استخراجها والتعامل مع الموقع، مؤكداً أن السطو على الآثار هو سرقة لثروات وتاريخ الوطن وجناية في المقام الأول، لذلك يجب أن ينتبه المواطنين أن الآثار محمية بحكم النظام. وأشار سموه إلى أن الهيئة ستبدأ حملة إعلامية للتوعية بمخاطر سرقة الآثار أو إخفائها، لتكون انطلاقة جديدة في برنامج استعادة الآثار، لافتاً إلى أن الهيئة تستقبل بلاغات السرقة من خلال الرقم 19988 ومن خلال مواقع الهيئة وحساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي، مبدياً سموه استعداده لتلقي مكالمات مباشرة من المواطنين. وحث سموه المواطنين على إدراك قيمة الأثر وكيفية التعامل معه والانتباه لقوانين الآثار، مشيراً إلى أن قيمة الآثار تكمن في أنها جزء من تاريخنا وتاريخ بلادنا وحضاراتنا وتمثل جزء من فهمنا لتعاقب الحضارات على أرض المملكة. من جهته دعا محمد البلوي المواطنين إلى ضرورة تسليم القطع الأثرية التي بحوزتهم إلى الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني وتسجيلها ضمن آثار المملكة وعدم العبث بها أو التصرف فيها لأنها ملك للوطن والمواطنين، مشيراً إلى أنه تشجع على تسليمها حتى يتمكن من إهدائها لمقام خادم الحرمين الشريفين - رعاه الله - في الملتقى الأول لآثار المملكة. وتعد القطعة الأثرية المسلمة للهيئة تحفة فنية نادرة استخدمت "كمسلة" شاهدية كانت توضع على المقابر، وهي عبارة عن مجسم حجري للنصف الأعلى لجسم إنسان يحتوي على الوجه، والعينين، وفم غائر، وأنف مستطيل بارز، ورمز هندسي تحت العين اليسرى، وتتدلى على الصدر قلادة وثلاثة حبال، ويزن المجسم 88 كيلو جراماً. والمجسم جزء من عدة مكتشفات تعود إلى 6 آلاف سنة قبل الآن، تم اكتشاف عدد منها في شمال غرب المملكة، والأردن، واليمن، ورغم أن المكتشف منها قليل ونادر جداً، إلا أن قطاع الآثار بالهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني يمتلك أربعة نماذج بالإضافة إلى القطعة الجديدة. وتنظم الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني تحت مظلة (برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة) الملتقى الأول للآثار الوطنية في المملكة، الذي سيقام في النصف الثاني من شهر ذي الحجة من العام الجاري 1438ه، في مدينة الرياض، برعاية خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بالتعاون مع دارة الملك عبد العزيز، ووزارات "الشؤون البلدية والقروية، والثقافة والإعلام، والتعليم"، وعدد من مؤسسات الدولة ذوات العلاقة. ويشهد الملتقى مشاركة علماء آثار ومتخصصين من عدد كبير من دول العالم، وتوثيق إسهامات جيل الرواد من أفراد ومؤسسات وحلقات نقاش مع أهم المتخصصين السعوديين في هذا المجال، وعقد عدد من جلسات وورش العمل والمعارض المتخصصة، إضافة إلى إطلاق مبادرات ومشاريع متزامنة في مجال الآثار.