يكتب أبناء الباحة أبجديات حكايتهم مع الماضي على أرض الجنادرية، باقتناصهم لحظات من تراث المنطقة ليجسدوها في زوايا وردهات بيت الباحة التراثية بالمهرجان . ويمثّل المقهى التراثي الصغير المصمم على شكل عريش من الخوص، الموزع في جنباته كراسٍ خشبية تنيره أضواء خافتة من فوانيس تراثية علقت بسقف المقهى، في محاولة لإشعار الزائر بعبق الماضي وقصة زمن تشكلت حكايته مع (الملبس) الذي تنبعث منه رائحة الشاي بالنعناع أو (الحبق) أو (البردقوش)، أو من خلال دلة القهوة العربية (المهيلة) التي طحنت حبّاتها من (البن الشدوي), فيما يحيط بجلسة الشاي صوت السواني وصرير المحالة وخرير الماء المنساب من الغرب عبر الساقية، والمستخرج من البئر المجاورة للمقهى. ويأتي صوت المطارق والفؤوس وتكسير الحصى وأهازيج البنائين من ركن البناء (أربعة شالوا الجمل والجمل ما شلّهم) و(ابني ياباني) التي يستعينون بها في الزمن القديم لالتقاط الأنفاس من تعب يوم شاق . هذه الطقوس التي نفذت عبر فعاليات في بيت الباحة التراثية بالجنادرية نالت استحسان الزوار الذين أكدوا أنها استطاعت إعادتهم للزمن الجميل، لذا كانوا يحرصون خلال زيارتهم للبيت عيش لحظات بين هذين الركنين، قبل انتقالهم لأركان أخرى .