أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية كتاب "الدراية في معرفة الرواية، لابن العاقولي"، بتحقيق الدكتور قاسم السامرائي على النسخة الوحيدة المحفوظة في جامعة ليدن، في مجلد من القطع الكبير في (751) صفحة. يذكر أن "ابن العاقولي" هو: غياث الدين محمد بن محمد بن عبدالله (733ه - 797ه)، عالم بغدادي، حدَّث في مكة والمدينة والشام والقاهرة وبيت المقدس. وكتابه هذا هو أحد الكتب المؤلَّفة في علوم الحديث في القرن الثامن الهجري، وموضوعه يندرج ضمن ما يُسمى: علم المشيخات؛ حيث أثبت فيه المؤلفُ العلماءَ والشيوخَ الذين أخذ عنهم العلم، وعددهم (ثمانون شيخًا وشيختان)، ذاكرًا سنيَّ ولادتهم وشيئًا من سيرهم العلمية ومناقبهم، ومؤلفاتهم إن وجدت، على نحو من الدقة والتفصيل. ويمثل قوامَ هذا الكتاب: مقدمةٌ، وأحدَ عشرَ فصلًا. ففي المقدمة تناول المؤلف حفْظ الله للكتاب والسنة، وضوابطَ وقوانين قبول الرواية، والحديث عن محتوى مؤلَّفه، ثم عقد عشرة فصول في علم الرواية وآدابها وأخلاقها؛ كآداب النية وما يبدأ به المتعلم، وآداب السماع والقراءة والحفظ وإعارة الكتب، ثم آداب المحدِّث وأخلاقه، ثم صفات من يستحق تسميته بالحافظ. ثم عن طُرُق الرواية وآداب الرحلة. كما تحدث عن أوائل المؤلفين والمؤلفات، وشروط التأليف وطرائقه. وشرع في الفصل الحادي عشر يتناول سير مشايخه واحدًا تلو الآخر؛ على أنه لم يقتصر على السرد المجرد لترجمات هؤلاء العلماء، بل ضمَّنها كثيرًا من الحوادث التاريخية والشمائل النبوية؛ حتى تطرَّق إلى علم الطب، والفلك، واللغة والنحو والشعر، والكتابة وطُرُز الخط وأدوات الكتابة، وتقييد العلم. كما أورد فيه أشعارًا لأصحاب التراجم لا تجدها إلا فيه. وكان والده "محيي الدين أبو الفضل محمد بن عبدالله بن العاقولي"، هو أول شيوخه ورودًا، وآخرهم: "فاطمة بنت محمد بن سعيد البغدادية". ويتمثل منهجُه المتَّبع في: أنه يأتي على ذكر شيوخه على النحو الآتي: يبدأ بذكر الشيخ، ثم رواية حديث عنه، ثم الكلام بما تيسَّر من أحواله، وذكر مروياته، وما يتعلق بالحديث. وأما مكانته ففي كونه أصلًا عظيمًا نفيسًا، ومصدرًا لتوثيق حياة وعلم مشايخ وشيخات هذا العالم المشهور، وأنه يحتوي كذلك على عدد كبير من الأعلام الذين لم تترجم لهم كثير من كتب التراجم، إضافة إلى إيراد جملة من السماعات والطباق والقراءة لعدد من الأعلام لم يرد لهم ذكر إلا في هذا الكتاب. وقد عقد المحقق -بين يدَي هذا الكتاب- دراسةً مختصرةً مركَّزةً عن "أهمية علم المشيخات"، و"علاقته بعلم الحديث". ثم رصَد بشيء من التفصيل المراحلَ التي مرَّ بها هذا العلم حتى استوى على سُوقه ونضج؛ فجعل أُولاها مرحلةَ كتب المرويات القديمة (مثل مرويات الزهري، وعروة بن الزبير)، فمرحلة الأحاديث والمسانيد والصحاح والسنن ، ذاكرًا أوائلَ المؤلفات في الإسلام (كالموطأ لمالك، وكتاب ابن جريج في الآثار) وغيرهما. وفي الختام أورد المحقق الإجازات والسماعات التي جاءت في أصل الكتاب، مع جمْع ما كُتب على حواشي الأصل من التعليقات والفوائد، وجعلها في ملحقَين آخر الكتاب. //انتهى//