واصلت الحكومة المصرية إجراءاتها وخطواتها لمحاصرة السوق السوداء للعملة الأمريكية الدولار والسيطرة على سوق صرف العملات الأجنبية، بطرح البنك المركزي المصري اليوم عطاءً استثنائيًا جديدًا بقيمة 1.5 مليار دولار، لتغطية مديونيات العملاء بالعملات الأجنبية الناتجة عن عمليات استيراد سلع، ليبلغ الإجمالي ما ضخه البنك المركزي المصري في سوق الصرف خلال 3 أيام فقط، نحو 1.9 مليار دولار في سابقة هي الأولى من نوعها . وحول هذه الخطوات والإجراءات للحكومة المصرية بشأن تحجيم سعر الدولار في السوق الموازية، دفعت العطاءات الدولارية لهبوط سعر الدولار إلى 9.40 جنيه مصري مقابل 10 جنيهات قبل الإجراءات الأخيرة . وأحجم المتعاملون في السوق غير الرسمية عن تداول الدولار بيعًا وشراءً بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية، في ظل إصرار حكومي على تثبيت سعر الدولار أمام الجنيه ليتراوح ما بين 8.95 جنيه و9.25 جنيه في البنوك وشركات الصرافة ، وهو ما ظهر في توجيه محافظ البنك المركزي طارق عامر تحذير شديد اللهجة للمضاربين بالعملة الصعبة في السوق بأن أي تلاعب سيكون الرد عليه حاسمًا . وتتزامن عطاءات البنك المركزي، التي وصل مجموعها في الأسبوعين الأخيرين بما فيهم عطاء اليوم إلى 2.4 مليار دولار، مع إجراءات أخرى لتوفير موارد جديدة للبنوك من الدولار من أبرزها طرح شهادات إدخار بالجنيه بفائدة 15 في المئة لكل من يقبل تحويل مدخراته في البنوك من الدولار إلى الجنيه، وشهادات "بلادي" الدولارية المطروحة للمصريين بالخارج بفائدة تتراوح ما بين 3% - 7% ، وإلغاء حدود السحب والإيداع بالدولار للأفراد والشركات . وعدّ رئيس مجلس إدارة البنك الأهلي المصري هشام عكاشة قرار البنك المركزي بخفض الجنيه أمام الدولار بقيمة 112 قرشًا ليصل سعره إلى 895 قرشًا بالبنوك، خطوة لإعادة حركة العملات الأجنبية إلى الجهاز المصرفي مما يسهم في تعزيز القوة الشرائية الحقيقية للجنيه خلال فترة وجيزة، فضلًا عن تحفيزه الاستثمارات الأجنبية وضبط الأسواق . كما لفت رئيس مجلس إدارة بنك مصر محمد الاتربي الانتباه إلى أنه سيتم طرح أدوات تضمن للمستثمرين الأجانب الخروج بأموالهم والعائد عليها بنفس سعر الصرف الذي دخل به السوق للقضاء على أي مخاطر قد تترتب على تحسن موقف احتياطي النقد الأجنبي وتراجع سعر الدولار، كما أنها تضمن للمستثمر الأجنبي تحويل أمواله للخارج دون عقبات . وتسود حالة تخوف في الأوساط التجارية من آثار ارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه على زيادة أسعار السلع الغذائية والأدوية، وهو ما أكده رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية أحمد الوكيل . وفي المقابل ، رحب منتجون ومصدرون ومستثمرون بقرارات البنك المركزي المصري الأخيرة واعتبروها جريئة وصائبة، لأنها ستؤدي إلى زيادة حركة الصادرات والاستثمارات وعودة القطاع الصناعي إلى العمل بكامل طاقته نتيجة تقليص الفارق في الأسعار بالسوق الرسمية والسوداء مما يمكن المنتجين من تدبير احتياجاتهم من لوازم الإنتاج .