إعداد : جلال القديحي تصوير : أنور الأحمد يعيد تقليد "المسحراتي" أو كما يطلقون عليه أهالي محافظة القطيف "بوطبيلة" للأذهان شيئاً من عبق الزمن الماضي الجميل لأهالي المحافظة، حيث تشكل إطلالته في بداية شهر رمضان المبارك كثيراً من الفرحة لديهم, حينما يجوب أحياء قرى القطيف وخلفه الأطفال الذين يحتفون به ويشاركونه الأدعية الرمضانية والأهازيج الشعبية التراثية، خلال قرعه الطبل لإيقاظ الناس لموعد تناول طعام السحور. والمسحراتي مهنة قديمة عرفها أهالي القطيف، إذ يقول المسحراتي عيسى بن علي الصايغ الذي ورث هذه المهنة عن عائلته في قرية السنابس بجزيرة تاروت إن أجداده عملوا في هذه المهنة طوال 30 عاماً، مؤكداً أنه لا يزال يسعى إلى المحافظة عليها حتى الآن من خلال ممارستها في قريته، والاهتمام بتعريف الأجيال الجديدة على هذه المهنة بوصفها واحدة من المهن التي زاولها الآباء والأجداد، وارتبطت بتاريخهم القديم، وأصبحت موروثا شعبيا تتوارثه الأجيال. وأوضح أن المسحراتي أعتاد ترديد الأدعية والتهليل والتسبيح والأهازيج أثناء جولته بين أزقة الأحياء بعد منتصف الليل حتى موعد السحور, لافتاً النظر إلى أن الأهازيج تختلف في بداية الشهر الفضيل عن آخره، من خلال ارتباطها بالترحيب بمقدم الشهر المبارك أو توديعه. من جانبه أوضح عضو الجمعية التاريخية السعودية الدكتور علي بن إبراهيم الدرورة أن نشأة المسحراتي كانت منذ عصر الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم), ونقلها الصحابة - رضوان الله عليهم - بعد ذلك إلى أصقاع الأرض التي هاجروا إليها, مفيداً أن هذا التقليد بدأ بطرق الأبواب بالعصي بعد منتصف الليل، ثم أدُخل عليها الطبل في العصر الأموي ليزيد من وضوح الصوت، واستمر ذلك حتى عهدٍ قريب، في حين دخل في العصر العثماني المدفع كأداة تنبيه عالية الصوت للفطور والسحور. وبين أن العادة في التنبيه بقرب موعد السحور في قرى المنطقة الشرقية جرت باستخدام الطبول وترديد المسحر الأهازيج الدينية، والمرور بين الأزقة بعد منتصف الليل، مشيراً إلى أن الأطفال كانوا يحرصون على الالتقاء بالمسحّر حين مروره بمنازلهم، ليكبروا ويهللوا معه، ويرددوا معه الأهازيج. // يتبع // 02:08 ت م تغريد