فجرت الحادثة المأساوية لغرق أكثر من 300 مهاجر إفريقي قبالة جزيرة لامبيدوزا الايطالية الأربعاء الماضي جدلا أوروبيا حادا بشان فعالية سياسة الهجرة واللجوء المتبعة من قبل دول الاتحاد الأوروبي الثماني والعشرين. وتتبادل المؤسسات والحكومات والهيئات الأوروبية المكلفة بهذا الملف الاتهامات العلنية حول القصور المجحف لخطط الاتحاد الأوروبي في التعامل مع هذه الظاهرة. وتقول هيئات الإغاثة الإنسانية إن أكثر من 25 ألف مهاجر من إفريقيا والشرق الأوسط قضوا غرقا في المتوسط منذ عام 1993م. وتتهم المؤسسات الاتحادية والدول الأعضاء عصابات الاتجار بالمهاجرين بالوقوف وراء هذه المشكلة ، لكن الأممالمتحدة والهيئات الإنسانية تشير بدورها إلى عدم امتلاك الاتحاد الأوروبي كتكتل لإستراتيجية فعالة لإدارة هذه الإشكالية الناتجة عن تداعيات الأوضاع الاجتماعية وانهيار الأوضاع الأمنية في الدول المصدرة للهجرة ودول العبور. وتواجه دول الجنوب الأوروبي المتضررة أكثر من غيرها من تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية الأوروبية العبء الأكبر من موجات النزوح . وبدأت دول شمال أوروبا وخاصة ألمانيا والسويد في اقتسام وزر الهجرة غير الشرعية واحتضنت العام الماضي بشكل إرادي زهاء سعين ألف مهاجر . وإضافة إلى موجات النزوح القادمة من إفريقيا فقد تسببت الأزمة السورية في تفاقم الموقف في العديد من الدول الأوروبية وفي مقدمتها بلغاريا واليونان. وتمتلك دول الاتحاد الأوروبي أدوات متواضعة على الصعيد العملي لإدارة التعامل مع تدفق الهجرة غير الشرعية. ولا يتجاوز عدد عناصر الوكالة الأوروبية للحدود الخارجية 300 عنصرا حاليا ، وتتجه الدول الأوروبية بدءا من شهر ديسمبر المقبل لاعتماد أول نظام للمراقبة عبر الأقمار الصناعية للحدود الخارجية للتكتل أطلق عليه نظام ( يورو-سور ) ولكن الاتحاد الأوروبي وفي المقابل لا يمتلك حرسا خاصا لحراسة الحدود البحرية. ويعقد وزراء الداخلية والعدل لدول الاتحاد الأوروبي سلسلة من الاجتماعات في لكسمبورغ الاثنين والثلاثاء المقبلين تخيم عليها هذه التطورات المصاحبة لمأساة لامبيدوزا وغرق مئات من المهاجرين الأفارقة. وقالت مفوضة الشؤون الأمنية الأوروبية سيسيليا مالمسترم إنها ستدعو إلى إرساء سياسة أوروبية مشتركة وفعلية في هذا القطاع وفتح الحدود أمام الهجرة الشرعية. ودعت ايطاليا اليوم إلى عقد قمة أوروبية طارئة لمعاينة التطورات ، كما تشارك الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية كاثرين أشتون الثلاثاء المقبل في اجتماعات وزراء العدل الأوروبيين الذين سيبحثون تدفق النازحين السوريين إلى أوروبا والية التعامل معهم . وستحث أشتون الحكومات الأوروبية على فتح حدودها وتوفير الإمكانات الضرورية للمساهمة الفعالة في تخفيف معاناة النازحين السوريين المتضررين من النزاع في بلادهم. وتعد مسألة الهجرة في أوروبا على قدر كبير من الحساسية بسبب توظيف الأحزاب اليمينية لها كمادة انتخابية وتأجيج الرأي العام الأوروبي بهدف إحكام القبضة على الحدود الخارجية ومنع دخول الأجانب إلى القارة. وترفض عدة دول أوروبية وفي مقدمتها بريطانيا اقتسام جزء من سيادتها مع المؤسسات الأوروبية في ملف الهجرة فيما تطالب دول أخرى بالحصول على تعويضات مالية ضخمة مقابل أي انفتاح لها في هذا الملف. وقالت الرئاسة الدورية الأوروبية التي تتولاها حاليا ليتوانيا انه لن يتم مراجعة القرار المعتمد عام 2003م الذي ينص على إن أي طالب للجوء لا يمكنه تقديم سوى طلب واحد والى الدولة الأولى التي يصلها. // انتهى // 13:34 ت م تغريد