ما يقرؤه الرؤساء لا يعطيهم استراحة من الملل الذي يشعرون به عند قراءة التقارير وحسب، ولكن يمكن لهذه الأشياء أن تنبئ عن النهج السياسي وتعيد التأكيد أو تشكل وتجري تحولا على آراء هؤلاء الرؤساء. والملاحظ أن مراقبي البيت الأبيض الأمريكي يهتمون بالمساعدين الذين يعطون نصائح للرؤساء، ولكن تعطي الكتب التي يقرؤها هؤلاء الرؤساء إطلالة أخرى على الطريق الذي يريدون دفع البلاد إليه، وكيف سيرد ذكرهم في التاريخ. كانت مكتبة جون آدامز تضم أكثر من ثلاثة آلاف مجلد، وكانت تحتوي الكثير من الملاحظات التي كتبها الرئيس في هوامشها. وأدت تشكيلة الكتب الهائلة التي كانت لدى توماس جفرسون إلى جعله مدينا، وأصبحت فيما بعد العمود الفقري لمكتبة الكونجرس. ومن المحتمل ألا يصل أي رئيس أمريكي إلى مستوى روزفلت، حيث كان يتصفح كثيرا من الكتب في يوم واحد، وكتب أكثر من 12 عملا محترما في موضوعات تتنوع ما بين حرب 1812 والغرب الأمريكي. وكان هاري ترومان آخر رئيس لم يكمل الدراسة الجامعية، ولكنه كان قارئا نهما ومهتما بالتاريخ والتراجم، وقال في إحدى المرات: إن «الشيء الوحيد الجديد في هذا العالم هو التاريخ الذي لا يعرفه المرء». كما لعبت الكتب دورا مهما داخل البيت الأبيض تحت رئاسة جون كينيدي. وساعدت قراءة ملخص لكتاب على تقديم إحدى المبادرات السياسية الكبرى في الستينات، بعد أن قرأ مقالا يتناول الفقر داخل البلاد وشعر بخطر اليسار، طلب كينيدي من طاقمه أن يدرسوا المشكلة. وتأثر خليفته ليندون جونسون بكتاب «الأمم الثرية والأمم الفقيرة»، وكشف أنه قرأه أكثر من مرة، وحوّل الهجوم إلى حرب على الفقر. وكان ريتشارد نيكسون يبحث دوما عن الكتب التي لها علاقة بالقضايا الكبرى في حياته اليومية. وعادت القراءة بأثر سلبي على جيمي كارتر، ففي صيف 1979، وبينما كان الاقتصاد يعاني، وتعرضت رئاسته إلى هزة بسبب أزمة الرهائن الإيرانية، قدّم كارتر خطبة سيئة السمعة أثارت «أزمة ثقة» داخل أمريكا واستلهمت من كتاب كريستوفر لاستش «ثقافة الأنانية». وفي فبراير 1977، أخذ درسا في القراءة السريعة مع طفلته آمي. وساعده ذلك على قراءة كتابين أسبوعيا عندما كان رئيسا، وما بين ثلاثة وأربعة كتب بعد تركه منصب الرئيس. كما كتب 24 كتابا، وهو رقم قياسي بالنسبة إلى الرؤساء السابقين. ورغم أن رونالد ريجان اشتهر بأنه شخص «بطيء التعلم وودود»، إلا أنه كان يحب الكتب. وكان بيل كلينتون يقرأ كثيرا وفي كثير من المجالات، وأثرت الكتب التي يقرؤها على المنحى الذي اتبعه في مطلع التسعينات مع أزمة البلقان. وكان جورج بوش من القراء الدؤوبين ممن يروق لهم إحصاء الكتب التي اطلعوا عليها. وغالبا ما كان يلتقي مؤلفي الكتب التي تركت أصداء لديه. ثم جاء أوباما ككاتب، وساعدت سيرته الذاتية «أحلام من أبي: قصة العرق والإرث» في نقله من مساحة مجهولة إلى الشهرة على المستوى الوطني. وكقارئ، حوّل كتاب «فريق المتنافسين» لدوريس كيرنز، حول الإدارة المعاونة إلى استعارة تناقلتها وسائل الإعلام كثيرا، وذلك في وصفه انتقاله إلى البيت الأبيض