قرأت الحوار الصحفي الذي أجرته الزميلة «عكاظ» مع مدير الإدارة العامة للسجون اللواء علي الحارثي، واستوقفني فيه عدم التطرق إلى أن هناك اقتصادا قائما في السجون يستفيد منه بعض المساجين أنفسهم، فهناك أمور مسموح بها في الخارج تمنع عن السجناء، الأمر الذي يحولها إلى سلع رائجة في السجن وبأسعار عالية، فعلى سبيل المثال هناك من يتاجر بالسجائر ويبيعها إلى المساجين بأسعار عالية جدا، والسجائر تباع في الخارج، فلماذا لا يسمح بيعها على المساجين؟ فبعض المساجين تحت رغبة الحصول على بعض السلع التي تباع بأسعار عالية سيلجأ إلى البحث عن المال، ما سيفتح الباب إما لتكاليف باهظة تتحملها أسرة السجين أو يوفرها بطرق أخرى مثل المساهمة في ترويج محظورات بين السجناء الآخرين. تحدث اللواء الحارثي عن بحثهم عن وسيلة لقطع إرسال الجوالات في السجون بهدف القضاء على تهريبها إلى المساجين، وهي فكرة غريبة في حد ذاتها، وإن كان اللواء الحارثي بررها بأن هذه الجوالات تستخدم للتنسيق في إدخال الممنوعات، بينما لم يتطرق الحوار إلى أن الاستخدام الحقيقي لهذه الجوالات هو رغبة الكثير من السجناء في التواصل مع أقاربهم. وهنا ما علاقة تواصل السجين مع أسرته بعقوبته؟ فمن الأجدر السماح لكل السجناء بالتواصل مع أسرهم في أي وقت يريدون، فهذا أجدى من فكرة قطع الإرسال، وستساهم في قطع الطريق على المنتفعين من ناحية ولها فائدة نفسية على المساجين، وكل سجين يتحمل وزر سوء استخدامه لهاتفه، كما هو معمول به خارج السجن. إن مسؤوليات إدارة السجن كثيرة ومنها متابعة النزلاء ومنع دخول المواد الممنوعة، وليس من مسؤولياتها سد الذرائع، ودخول المواد الممنوعة أمر مرفوض إن كانت ممنوعة في خارج السجن وداخله مثل المخدرات، لكن إدخال المسموح في دائرة الممنوع سيبقي السجون هدفا للمنتفعين، وسيجعلها منصرفة عن دورها، وسيظل التركيز منصبا حول نتائج المشكلة بدلا من التفكير في المشكلة نفسها.