افتتحت ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أخيرا الدورة الجديدة للبرلمان البريطاني المنتخب حديثا، فقدمت خطة حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها زعيم حزب المحافظين ديفيد كاميرون بالائتلاف مع حزب الديموقراطيين الأحرار بقيادة نيك كليج، واعدة بأن تعمد الحكومة إلى خفض الدين العام، وإعادة الثقة إلى الاقتصاد. وقيام الملكة بإلقاء كلمة بمناسبة افتتاح الدورات البرلمانية يحوطه الكثير من الفعاليات التقليدية والتاريخية، ومنها أن الخطاب تكتبه الحكومة، وتتوافق حوله قبل تقديمه للملكة لقراءته. وتقرأ الملكة تفاصيل الخطة بصيغة التأكيد وليس الإعلان، وذلك لضمان استقلالية الحكومة. وجرت العادة منذ أكثر من 400 عام على أن يفتش الحرس الملكي النواب خلال توجههم إلى قاعة البرلمان، وذلك بعد اكتشاف محاولة لتفجيره من قبل أحد ممثلي الشعب عام 1605، إلى جانب الاحتفاظ ب«رهينة» من الحكومة في قصر بكنجهام حتى موعد عودة الملكة بأمان من البرلمان إلى مقرها. ويتشكل البرلمان من مجلسي العموم واللوردات، ويضم مجلس العموم 650 عضوا منتخبا، وتحظى إنجلترا بالنصيب الأكبر من المقاعد برصيد 529 مقعدا، ومن ثم أسكتلندا 59 مقعدا، وويلز 40 مقعدا، وأخيرا إيرلندا الشمالية 18 مقعدا. أما مجلس اللوردات فيضم أعضاء معينين وبعضهم بالوراثة. وينقسم أعضاء مجلس اللوردات إلى صنفين الأول لوردات روحيون وهم الأساقفة ومسؤولو الأديرة، والثاني يضم من يحملون لقب نبيل ودوق وبارون. ويعد مجلس العموم السلطة التشريعية في بريطانيا، حيث يشكل الحزب الذي يحصد أغلبية مقاعد المجلس في الانتخابات الحكومة بطلب من الملك أو الملكة. وحسب تقاليد الدستور البريطاني فإن كل وزراء الحكومة، ومن بينهم رئيس الوزراء هم أعضاء في مجلس العموم وأعضاء في مجلس اللوردات أحيانا. وتعود جذور البرلمان البريطاني الحالي إلى فترة ما بين القرنين الثامن وال11 الميلاديين. وطور الملك إدوارد الأول الذي تولى الحكم عام 1272، البرلمان إلى مؤسسة وأصبح انعقاده بشكل منتظم في عهده بمعدل مرتين في العام. وشكل عام 1258 نقلة في مفهوم البرلمان بعدما اصطدم حينها الملك هنري الثالث مع النبلاء، وأقر البرلمان المنعقد في حينها في أكسفورد اتفاقية تتضمن مقترحات بانعقاد البرلمان لاجتماعات منتظمة ثلاث مرات في العام وإدخال 12 ممثلا للمقاطعات من غير النبلاء. وفي عام 1295 دعا الملك إدوارد البرلمان إلى الانعقاد بحضور ممثلين عن كل مقاطعة وبلدة للمرة الأولى، ولذلك وصف حينها البرلمان بأنه مثالي. ومنذ 1329 وحتى عام 1341 كان ممثلو الشعب والنبلاء والملك يجلسون سويا في قاعة واحدة بما يسمى مجلس العموم، لكن ممثلي الشعب في مجلس العموم انفصلوا بعد ذلك عن النبلاء الذين أصبح لهم مجلس آخر بالبرلمان يسمى مجلس اللوردات. وحتى عام 1832، كان لمجلسي العموم المنتخب واللوردات المعين وبعضه بالوراثة سلطات متساوية تقريبا، لكن قانون الإصلاح في ذلك العام قلص كثيرا من سلطات مجلس اللوردات. كما قلصت قوانين برلمانية في عامي 1911 و1949 فعالية مجلس اللوردات. وبدأ البرلمان بالفعل عام 1999 تقليص عدد أعضاء مجلس اللوردات من فئة النبلاء بالوراثة .