إن كان «قيس» معشوق «لبنى» قد تشاءم من غراب وقف على رأسه يوما فقال: لقد نادى الغراب ببين لبنى فطار القلب من حذر الغراب فإن «قيسا» الآخر مجنون «ليلى» شاركه ذات يوم نفس الفكرة حين شاهد غرابا يقوم بجولات استطلاعية من فوق رأسه فصاح فيه: ألا يا غراب البين هيجت لوعتي فويْحَكَ خَبّرْني بما أنت تصرخ ومن رحمة الله عز وجل أن لا المجنون الأول ولا زميله الثاني قد قاما بزيارة خاطفة لكورنيش «جدة» مسقط رأس الغربان، حيث تسرح وتمرح هناك آمنة مطمئنة يأتيها رزقها حيث كانت، وإلا لعادا إلى رشدهما وهما ينشدان: ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي دعونا من غربان جدة التي أصبحت من كثرة العروض المقدمة لها ترفض الأكل البائت وما عاد يرضي جوعها إلا وجبات محترمة من مطاعم فخمة وستكون الغربان ممتنة جدا، في حال كانت تلك الوجبات «سبايسي»!. وهي الغربان التي رصدت لها أمانة مدينة جدة مبلغ خمسة ملايين ريال للقضاء عليها! وأظن هذا المبلغ السابق كافيا جدا لتغيير الجينات الوراثية لجميع الغربان هناك وتحويلها إلى بلابل! يا ألله. ألم نتفق على نسيان موضوع «غربان جدة»؟ لكن الدراسة المثيرة التي أجراها فريق علمي تابع لجامعة الملك عبدالعزيز والتي خلصت نتائجها إلى أن مدينة جدة هي الأسوأ من بين مدن العالم في المبعثرات، وهي النفايات الشخصية من مناديل وعلب وبقايا مأكولات يلقيها الناس من سياراتهم أو يتركونها في أماكن جلوسهم تدعونا إلى التساؤل حول إذا ما كان البعض منا يقوم برعاية مجانية للغربان، خصوصا ذلك النوع البشري الذي يستمتع بتناول وجبته على شاطئ البحر ثم وفي نهاية رحلته يجمع كل حاجياته باستثناء مخلفاته وبقايا مأكولاته، حتى أصبح العديد من شواطئنا بيئة مثالية تماما لكل الطيور المصابة بالنقرس ولجميع القوارض المتخمة بالكوليسترول ولباقي الحيوانات الأخرى التي تحلم بالرفاهية! كل ما أخشاه في حال استمر الوضع على هذه الحال أن نكتفي مستقبلا بمشاهدة البحر على الخريطة فقط!