الدكتور العزيز سليمان الضحيان كان ضيفا في حوار مع الدكتور عبدالعزيز قاسم في برنامج «البيان التالي» على قناة دليل حول الفكر الإصلاحي في السعودية. وقدم لغة فكرية موفقة في كثير مما حاول توضيحه. لكني لا أدري ما الذي يزعج الصديق الدكتور سليمان الضحيان من وجود مثقفين وكتاب يعيشون على الحالة السعودية أمثال الدكتور بكار وخالص جلبي وجمال سلطان؛ حيث أشار في حواره بأن هؤلاء المثقفين يعيشون على الحالة السعودية، وأنه لو انقطعت الحالة السعودية لتوقفوا. أتفهم أن الدكتور الضحيان يريد أن يثبت اختلافه في مقاربة الأشياء عن خالص جلبي مثلا، كما صرح غير مرة وأخبرني مشافهة ذات مرة قبل عدة سنوات من أن بعض قراء الفكر الجديد «العقلاني» في القصيم ينسبونه مثلا لمجموعة أبرزهم وقتها الضحيان الذي يحيلونه بدوره إلى خالص جلبي الذي تلقى ذلك من إبراهيم البليهي، وهم بذلك يحاولون القول إن الفكرة الإصلاحية في بريدة نشأت بنفس الطريقة التي روى فيها الجعد فكرة «التعطيل» عن أبان عن طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم الذي سحر النبي، صلى الله عليه وسلم، كما يقول ابن تيمية، فالطريقة التقليدية في الترهيب اللفظي والسياسي من الأفكار هو نسبتها لأفراد محدودين كي تسهل محاصرتها وتفكيكها. أتفهم أن الدكتور الضحيان يكره أن ينمى إلى مثل تلك الإحالة التبسيطية لأفكار نشأت بطريقة أكثر عمقا وتعقيدا.. بيد أني لا أتفهم أبدا شكواه من عيش تلك المجموعة من الكتاب والمثقفين على الحالة السعودية. فهذا النوع من العيش على حالة ثقافية في بلد ما هي جزء من نجاح ذلك البلد ثقافيا في وجود قراءات مختلفة تعيش له وتقوّيه. وذلك كله ليس عيبا ولا مشكلة. أحسب أن الدكتور الضحيان يحسن به أن يقف عن حدود الاختلاف معهم ثقافيا أو معرفيا، عوضا عن استخدام فكرة «العيش على الحالة السعودية» التي لم تكن بالقدر الأخلاقي الكافي للتعامل مع الأفكار أيا كان اتجاهها وانتماؤها. البلاد المتقدمة فكريا هي تلك التي تصنع مجموعات كبيرة تعيش عليها وتكون جزءا بديعا من نظامها الثقافي، ومن حالة الاختلاف فيها، وكلما استطاعت أن تشكل مجموعات كبيرة مختلفة ثقافيا كانت أقدر على صناعة الاختلاف الذي يشكل ألوان الطيف في البلد، ويعوق استئثار منظومة وحيدة فقيرة في مجالات الثقافة والمعرفة.