تولت مارجريت تاتشر السلطة في بريطانيا بعد انتخابات عامة في الثالث من مايو عام 1979، وغادرت مقر الحكومة الشهير في 10 شارع داوننج الشهير بعد 11 عاما في السلطة، ضربت بها رقما قياسيا. واشتهرت بلقب المرأة الحديدية بسبب ما عرف عنها من صرامة. وهي المرأة الوحيدة التي تزعمت حزب المحافظين، كما أنها أول سياسية بريطانية تفوز في ثلاثة انتخابات متتالية، وأول رئيسة وزراء في بريطانيا وأوروبا والرابعة في العالم. ونادرا ما تظهر تاتشر للعيان هذه الأيام إثر إصابتها بسلسلة من الجلطات الصغيرة، أفقدتها جزءا من الذاكرة. وذكرت كارول ابنة مارجريت تاتشر أن أمها، التي عرف عنها يوما أنها من أقوى العقول السياسية في العالم، تعاني تدهور القدرات العقلية طوال الأعوام السبع الأخيرة. وتروي كيف أن والدتها، 85 عاما، تكافح في أحيان كثيرة كي تتذكر الأشياء وتكرر نفس الأسئلة. ورسمت ابنتها في مذكراتها التي نشرت على حلقات في صحيفة «ميل أون صنداي» الشعبية صورة لامرأة مختلفة تماما عن الشخصية السياسية القوية التي كانت تتبختر على الساحة العالمية في الثمانينات من القرن الماضي: «المرأة التي سيطرت على المناقشات لفترة طويلة لم تعد قادرة على بدء أية مناقشات أو متابعة الخيط في أحاديث الحفلات الصغيرة. وفي بعض أيامها الصعبة يمكنها بشق الأنفس تذكر بداية الجملة حين تكون وصلت إلى آخرها». ويفقد من يعانون تدهور القدرات العقلية جزءا كبيرا من المهارات التي تؤثر على الحياة اليومية. وينشأ هذا عن عوامل متعددة مثل الجلطات والأورام وإصابات الرأس ومرض الزهايمر، ويتأثر بذلك أكثر من 700 ألف بريطاني، تمثل النساء نحو الثلثين منهم. وأشارت كارول إلى أن أول علامات تدهور القدرات العقلية ظهرت حين كانت أمها في ال75 من عمرها عندما خلطت بين نزاعي فوكلاند والبوسنة خلال محادثة على الغداء: «كدت أسقط عن مقعدي. ولم أصدق نفسي وأنا أراها تبذل جهدا كبيرا لإخراج الكلمات من فمها والبحث في ذاكرتها. كانت متقدمة في العمر، لكني كنت أعتقد دائما أنها لا تخضع للسن ولا للزمن، وأنها حديدية بنسبة 100 %، وقادرة على الصمود». ومن أشد المواقف صعوبة في الأعوام الأخيرة وفاة والدها دنيس تاتشر عام 2003، وهو ما تنسى والدتها في أحيان كثيرة أنه حدث: «رحيل والدي كان مروعا بالنسبة إلى أمي رغم أن تدهور قدراتها العقلية يجعلها تنسى أنه توفي. وكان علي أن أنقل لها هذا النبأ السيِّئ مرارا وتكرارا». وأخيرا فقد عرف عن تاتشر اتباع سياسة نقدية متشددة أثناء توليها رئاسة الوزارء، سمحت بارتفاع معدل البطالة، وألغت الرقابة على الأسعار، كما قادت بلادها ضد الأرجنتين عام 1982 في حرب جزر فوكلاند الخاضعة للإدارة البريطانية والواقعة في جنوب المحيط الأطلسي، وكلتا الدولتين تريد السيادة على هذه الجزر قبل أن تستسلم القيادة الأرجنتينية لمطلب البريطانيين في يونيو من نفس العام .