التدرج هو أحد القواعد التي يتسم بها نظام الحياة وهو الأساس لكل قاعدة، فالبداية تكون دائما عند نقطة «الصفر» ثم يبدأ الإنسان رحلته بين تدرج مقدر وتدرج مخير، فيمضي في طريقه ويبني نفسه بنفسه فيحصد البعض سعادته ويجني البعض الآخر شقاءه وتعاسته بيديه. أطفال في السادسة من العمر يبدؤون مستقبلهم بالمراحل الدراسية من الصف الأول إلى نهاية الصف الثالث الثانوي، منهم من يملك العزيمة والهمة ويستطيع أن يواصل دراسته الجامعية ويبدأ بها إلى أن يبلغ هدفه ويضع قدميه على عتبات المستقبل بكل ثقة ونجاح. الطموح سلاح ذو حدين إما أن يهدم وإما أن يصبح واقعا ملموسا، فإذا بدأت بتخطيط طموحك ووضع الأهداف المستقبلية فسوف تستطيع الوصول إلى ما بدأت بالتخطيط له، وفي بعض الأحيان تصادف الإنسان عقبات تقف في طريق طموحه ويتحتم التعامل معها ومحاولة إيجاد الحلول لتجاوزها. ومن أسرار النجاح التركيز والبدء دوما من النقطة «الصفر» حتى تتراكم الخبرات الكافية التي تؤهله للعمل وتوسع مجالات معرفته. لكن البعض يسعى إلى بلوغ النقطة التالية دون المرور بمراحل التأسيس الأولى، في سعي إلى عبور أقصر الطرق بأقل مجهود ممكن. وهذا سبب رئيس في تفاقم مشكلة العاطلين لرفضهم فكرة التدرج والبدء من الصفر. فأغلبهم يتمنى أن يحقق أحلامه دون أن يبذل الجهد المطلوب حتى لو تطلب الأمر أعواما طويلة ينفقها من عمره في الفرصة الكبرى التي تحقق له الأهداف المادية. وهو بهذا يتجاهل الفرص الصغيرة التي تمر في طريقه، والتي يمكن أن تحقق له إنجازات أفضل لكنه يعزف عن انتهازها لأنها تحتاج إلى مجهود وصبر. ومن هذا المنطلق، يجب على الإنسان استغلال أصغر الفرص ومحاولة الجد والاجتهاد لأن ذلك أفضل بكثير من اسم «عاطل» وإن قل العائد المادي في البداية، وحتى لو كانت الوظيفة بسيطة في بدايتها فيجب على الإنسان القبول بها ومحاولة التعلم والاستفادة والبحث والجد والمواصلة، فالبطالة موت بطيء وهي أسهل الطرق للانحراف السلوكي والأخلاقي لأن الفراغ يجعل الإنسان عالة على عائلته وعلى مجتمعه ويحوله إلى كائن عديم النفع بل قد يتحول إلى خطر على نفسه ومجتمعه.