كشف مدير مركز تحديد وتصحيح الجنس بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور ياسر بن صالح جمال عن تزايد الحالات المحولة من المستشفيات في السعودية إلى المركز والراغبة في تصحيح جنسها ما بين 40 و50 حالة سنويا، بعد أن ابتدأت بأعداد لا تتجاوز خمس حالات سنويا قبل 27 عاما، ما أدى إلى وجود قائمة انتظار طويلة تتجاوز عدة أعوام؛ حيث تتطلب كل حالة ساعات طويلة في كل عملية تصحيح، والعديد منها يتطلب أكثر من مرحلة لإكمال العلاج. ويشير جمال إلى أنه من الصعوبة الانتهاء من القائمة لاسيما أن الإقبال من الأطباء على العمل في هذا المجال ليس كبيرا لما تحتاج إليه هذه النوعية من العمليات من جهد كبير، لافتا إلى أنه قام بتصحيح ما يربو على 400 حالة جراحيا على مدى 27 عاما خلال عمله بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز. تشخيص الولادة ويوضح أستاذ واستشاري جراحة الأطفال والتجميل ل«شمس» أن «تزايد عدد الحالات التي يتم تشخيصها وعلاجها في الأعوام الأخيرة نابع من وعي المجتمع بهذه المشكلة والمشاركة الإعلامية في إظهار اختلاط تحديد الجنس وتمييز تصحيح الجنس عن تغييره، وأظهر وجود العلاج المتخصص عددا أكبر من الحالات». وأدى هذا الوضع إلى سعي حثيث لاستقطاب العديد من الجراحين الشباب للدخول في هذا المجال واكتساب الخبرة لحمل الراية ومواصلة علاج هؤلاء المرضى لسد النقص الكبير في الجراحين المتخصصين في تصحيح الجنس بالمملكة، ومواكبة الأعداد التي ترد بشكل سنوي والتقليل من أعوام الانتظار التي تصل الى ثلاثة أعوام للحالة كي يتم علاجها. ويؤكد جمال «عدم تحديد فئة عمرية بعينها في عمليات تصحيح الجنس، معللا ذلك بأن مجرد اكتشاف وجود خلل أو اختلاط في تحديد الجنس يتم اللجوء إلى المختصين للبدء في التصحيح ومن خلال تعامله مع هذه الحالات فقد تم تشخيص المشكلة وتحديد الجنس في أكثر من 90 % من المرضى عند الولادة، وتم إجراء عمليات التصحيح خلال السنتين الأوليين وأقل من 10 % حضروا متأخرين وتم تصحيحهم»، وأضاف «نتمنى ألا نرى الحالات التي تأتي متأخرة بل نسعى إلى أن يتم تشخيص هذه الحالات عند الولادة وتصحيحها مبكرا لما لذلك من أثر كبير في نجاح العلاج وتجنيب الطفل المعاناة النفسية عندما ينشأ في جنس ويتم تصحيحه إلى جنسه الحقيقي». تصحيح وتغيير ويبين أن «الوعي بمثل هذه العمليات لم يكن موجودا في الماضي وكانت قصص المرضى الذين يكون لديهم مشكلة في تحديد جنسهم من القصص المثيرة في المجتمعات المختلفة، حيث يعتقد الناس أن رجلا قد تحول إلى امرأة أو امرأة تحولت إلى رجل، ولكن في الأعوام الأخيرة أصبح هناك فهم لهذا الموضوع وتفريق بين تصحيح الجنس المباح والتغيير المحرم». وعن أماكن إجراء هذه العمليات، يوضح «إن هذه العمليات تجرى في مستشفيات عديدة، ولكن مركز تحديد وتصحيح الجنس هو المركز الوحيد الذي تم الإعلان عنه في جامعة الملك عبدالعزيز في سبتمبر 2006 تتويجا لخبرة 25 عاما من إجراء هذا النوع من العمليات». ويشير جمال إلى وجود فرق بين عمليات تصحيح الجنس وتغييره «عمليات تصحيح الجنس مباحة شرعا، والمشكلة تتلخص في أن يكون الشخص لديه خلل في الجهاز التناسلي أو البنية الجسدية حيث يبدو أنثى وهو في الحقيقة ذكر، وفي هذه الحالة يتم إجراء الجراحة التصحيحية إلى الجنس الحقيقي وهو الذكورة، والعكس قد يكون الشخص أنثى ولديها خلل في الجهاز التناسلي وتبدو وكأنها ذكر، ويتم إجراء الجراحة التصحيحية إلى الجنس الحقيقي وهو الأنثى، وهنا يتضح أن عمليات تصحيح الجنس هي تصحيح من الوضع الخطأ إلى الصحيح، وهي جائزة كما ذكرنا وبإجماع شرعي من المجامع الفقهية، وقد كنت أول من أصّل مصطلح تصحيح الجنس لمرضى اختلاط تحديد الجنس، فعلى مدى ال27 عاما الماضية كنت وما زلت أؤكد في كل لقاء على استعمال مصطلح «تصحيح الجنس» وعدم استعمال كلمة «تغيير الجنس» أو «تحويل الجنس» لأن التصحيح هو المصطلح المناسب لأحكام الشريعة الإسلامية لمن لديه مشكلة في تحديد الجنس، وهو ما كان يعرف سابقا بالخنثى المشكل والخنثى الحقيقي، وكذلك أصّلت تسمية هؤلاء المرضى بمرض الاختلاط في تحديد الجنس بدلا من الخنثى، والمتخصصون في الغرب تحولوا لنفس مصطلحاتنا وآرائنا في أخلاقيات الممارسة الطبية في علاج هؤلاء المرضى والمتوافقة مع الشريعة الإسلامية». ذكر مؤنث ويستطرد الدكتور جمال: «عمليات تصحيح الجنس تتم بالمستشفى الجامعي طبقا لفتاوى المراجع الدينية بالمملكة، فتصحيح الجنس يعني تصحيحا لوضع خاطئ إلى آخر سليم، أما تغيير الجنس والمرفوض شرعا فهو تغيير من وضع سليم إلى خاطئ وفيه تغيير في خلق الله وتغيير للأحكام الشرعية من زواج وميراث وعبادات، ويؤدي إلى زيادة المعاناة النفسية ومشكلات اجتماعية كبيرة». ويقدم مزيدا من الرؤية لواقع هذه الحالات «توضيحا لتغيير الجنس لشخص ما ذكرا كان أم أنثى يملك جسديا كل مقومات جنسه إلا أنه يشعر بأنه ضحية العنة؛ حيث انحبس في جسد مخالف لجنسه ويطلب تغيير جنسه وأجهزته التناسلية جراحيا إلى الجنس الآخر الموافق لشعوره والمخالف لبنيته الجسدية، وتعرف هذه الجراحات بجراحات تغيير الجنس، ومثال ذلك فإن الشخص الذكر الذي يملك أجهزة تناسلية سليمة بالكامل كالخصيتين وكروموزونات ذكرية XY وله جهاز تناسلي خارجي ذكري سليم %100 لو تزوج أنثى أمكنه تخصيبها والإنجاب منها إلا أنه يشعر بأنه ينتمي إلى جنس الأنثى ويطلب تحويله إلى أنثى، والجراحة التي تجرى له تشمل استئصال القضيب والخصيتين ويعطى هرمونات أنثوية، وبذلك يكون الشخص أنثى صناعيا، وقد تصلح للممارسة الزوجية ولكن لا تحمل لأنها لا تملك رحما أو مبايض». .. وأنثى مذكرة وماذا عن الجانب الآخر؟ يجيب «تكون أنثى كاملة الأنوثة لها كروموزومات أنثوية XX ولها مبايض ورحم وقنوات فالوب ومهبل وجهاز تناسلي خارجي أنثوي، ولو تزوجت برجل لأمكنها أن تنجب منه إلا أنها تشعر بأنها تنتمي إلى عالم الذكورة وتطلب التحويل إلى ذكر، والجراحة التي تجرى لها تشمل استئصال الرحم والأنابيب والمبايض والمهبل والثديين وتكوين قضيب صناعي من الجلد مع استخدام جهاز يشبه القضيب بداخله مع زرع خصيتين صناعيتين من مادة بلاستيكية وإعطاء الشخص هرمونات ذكرية، وبذلك يتحول الشخص إلى ذكر شكلا، ولكن لا يملك العضو التناسلي الحساس، ولا يمكن له أن يخصب الأنثى لأنه لا يملك خصيتين، وهذا هو المسخ وتغيير خلق الله في تغيير الرجل إلى امرأة لا تنجب، والمرأة إلى رجل لا ينجب، وما خلق الله الذكر والأنثى إلا لحفظ النسل وبقاء البشرية لعبادته». أسباب التصحيح وعن الأسباب المؤدية لوجود حالات يستدعي تحديد جنسها ومن ثم تصحيحها، يشير الدكتور جمال إلى عدة أسباب رئيسية لمثل تلك الحالات «منها الوراثة بنسبة كبيرة وتناول أدوية أو وجود اختلال في هرمونات الأم تسبب خللا في تكوين الأجهزة التناسلية أثناء الحمل، لذا ينبغي تجنب زواج الأقارب في مثل هذه الحالات لأن ذلك يزيد من فرصة حدوث هذه المشكلة، كما ينبغي عدم تناول الهرمونات وغيرها من الأدوية التي قد يكون لها تأثير هرموني في الجنين ويؤدي إلى خلل في تكوين الأجهزة التناسلية». ويؤكد أن «عمليات تصحيح الجنس تعتبر من العمليات الدقيقة التي تتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا في علاج كل حالة، وقد تستغرق العملية الواحدة ساعات طويلة تصل إلى ست أو عشر ساعات، وتتطلب عدة مراحل ومتابعة طويلة المدى»، ويضيف: «نحتاج إلى عدد كبير من الأطباء لتقديم العلاج اللازم لهؤلاء المرضى؛ حيث إنهم يتطلبون مجهودا كبيرا ومتابعة طويلة المدى تمتد من مرحلة الطفولة إلى البلوغ والزواج للإجابة عن استفساراتهم وتقديم المساعدة الطبية التي يحتاجون إليها في كل مرحلة من هذه المراحل»، لافتا إلى أن هذه العمليات تجرى بالمستشفى الجامعي بجدة دون مقابل وتصل التكلفة التقريبية لعلاج مثل هذه الحالات بين 30 إلى 100 ألف ريال حسب العمليات التي يتطلبها العلاج، نافيا وجود مخاطر لمثل هذه العمليات، بيد أن هذا النوع من العمليات يعتبر من العمليات الجراحية الدقيقة التي قد تصاحبها بعض المضاعفات مثل باقي العمليات الجراحية التي يتم شرحها للمرضى .