تعد الاختلافات الكبيرة في سياسة ناديي ريال مدريد وبرشلونة سببا رئيسا في أخذ مباريات الفريقين بعدا آخر مختلفا تماما عن بقية الديربيات أو لقاءات «الكلاسيكو» في الدول الأخرى لعدة أسباب منها ما هو سياسي واجتماعي مثل كره إقليم كتالونيا الذي يقطن فيه برشلونة لإسبانيا بأسرها ويعمد مشجعوه إلى وضع لافتة في غالب لقاءات الفريق يكتب عليها «كتالونيا ليست لإسبانيا»، إلا أن سياسة الناديين المتعاكسة في اختيار اللاعبين كانت القضية الأبرز بينهما، ما بين الاعتماد على أكاديمية الفريق بتصعيد المواهب أو دفع أموال طائلة للتعاقد مع لاعبين في قمة كمالهم الكروي. وظل التحدي سائدا بين الناديين على من تعد سياسته هي الأفضل ولا تزال التصريحات من منسوبي الناديين والجماهير قائمة، فلم يتمكن الريال من صقل موهبة بحجم ليونيل ميسي، باستثناء تمكنه من تصعيد راؤول جونزاليس وأيكر كاسياس وبعض اللاعبين القلائل ولم يستطع برشلونة دفع 94 مليون يورو من أجل لاعب مثل كريستيانو رونالدو، فإذا كان المال هو اللغة السائدة فلا شيء يعلو على الريال، وإذا تعلق الأمر باللاعبين الصغار وصقلهم وجعلهم من أبرز نجوم كرة القدم فلن يتمكن الريال من إقحام نفسه منافسا. وما بين مؤيد ومعارض إلا أن أموال الريال قادت الفريق لتحقيق النجاحات بصورة أكبر من غريمه، وتفوق بفوارق ليست ضئيلة، فالريال حقق الدوري الإسباني في 31 مناسبة، وبرشلونة تمكن من إحرازه 18 مرة، وفي البطولة القارية الأكبر على مستوى الأندية دوري أبطال أوروبا أيضا كعب الريال يعلو نظيره حيث حقق تسعة ألقاب مقابل ثلاثة لنادي إقليم كتالونيا. وعند النظر إلى تشكيلة الفريقين الحالية، فإن غالبية عناصر برشلونة من النادي نفسه حيث صبر عليهم وهم صغار وطور من مستوياتهم حتى تمكنوا من ربح سداسية تاريخية الموسم الماضي لم يتمكن الريال طيلة تاريخه الطويل من تحقيقها ولم تكن أموال بيريز ومن قبله كفيلة بجلبها، وهي ثلاثية الدوري والكأس المحليين ودوري أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية، بالإضافة إلى كأسي السبور الإسباني والأوروبي، وكان صامويل إيتو وتيري هنري ويايا توريه وإيريك أبيدال هم الرباعي الذي لم يمر بالمراحل السنية للنادي، وهو الأمر الذي جعل برشلونة يثق بأن سياسته حتى وإن لم تصل لنجاحات الريال إلا أن بإمكانها تحقيق بعض الأمور التي عجز عنها نظيره بالأموال. وازدادت حدة التوتر والاحتقان في الفترة الأخيرة بين الناديين بسبب عودة الرئيس فلورنتينو بيريز للريال مجددا وهو من عرف عنه دفعه لأموال مبالغ فيها متى ما أعجب بلاعب معين وهو من دفع مبالغ أغلى ثلاث صفقات في العالم ريكاردو كاكا «65 مليون يورو»، زين الدين زيدان «72 مليون يورو»، كريستيانو رونالدو «94 مليون يورو»، ما حدا بخوان لابورتا رئيس برشلونة للحديث عن صفقات بيريز بعدما وصفها بالسيئة التي تؤثر سلبا في جمالية كرة القدم التي لم يكن المال أمرا مهما بها عند بدايتها، فما كان من نظيره إلا أن رد بتصريح قوي لا يزال عالقا في أذهان جميع المهتمين بتلك القضية والسياسة المتناقضة بين الناديين: «كبار الشخصيات يلبسون ما يفصل لهم ولا يحبون الشيء إلا اذا كان جاهزا ولايطيق الصبر أيضا». ومن الأمور التي تثبت نجاح كل فريق في المجال الذي اعتاد عليه وعدم قدرته على تغييره، ما حاول القيام به برشلونة مع مدربه لويس فان جال بداية الألفية الجديدة واعتماده على الأموال لجلب النجوم واعتمد حينها على المدرسة الهولندية بضمه لفرانك أوفر مارس وزيندن وفيليب كوكو ونجح في بداية مهمته في حصد لقب الدوري في مناسبتين إلا أنه فشل في الاستمرار على ذلك النهج حتى تمت إقالته لتبدأ من بعدها عملية البناء بالطريقة التي اعتاد بها الفريق سابقا حتى عادت الأمور إلى نصابها، والأمر نفسه تكرر بالنسبة إلى الريال بعدما حاول التقليل من مصروفاته وفضل السير على طريقة غريمه وتصعيد لاعبي الأكاديمية، وما كان من ذلك الأمر إلا أن جعل الفريق يخسر بنتائج ثقيلة جعلته يعدل عن قراره الأخير ليعود ويعمل بميزانيته التي قادته للنجاحات وجعلته يتزعم أندية العالم