عام 2003 شارك طلاب سعوديون في الاختبارات الدولية المقننة، التي تظهر ما وصلت إليه مخرجات التعليم استنادا إلى مستوياتهم في الرياضيات والعلوم. وكانت النتيجة مخيبة للآمال، فقد تذيلت السعودية الترتيب بحصولها على المركز ال 43 بين 45 دولة. هذا الأمر حدا بالدكتور أحمد آل فرحان، العضو في مجلس الشورى، نائب رئيس اللجنة التعليمية بالمجلس، إلى طرحه قبل أكثر من عام مشروع رخصة مزاولة مهنة التعليم الذي لقي أصداء متباينة، بلغت حد وصفه بال «فاشل». فهل حقا أن مشروع رخصة المعلم لا يحتاج إليه التعليم في السعودية؟ التحقيق التالي يسعى إلى الإجابة عن هذا التساؤل: رغم إصرار الدكتور أحمد آل مفرح على أن مشروع الرخصة الذي تقدم به: «تم التصويت عليه وإقراره في المجلس، ولا يزال قيد الدراسة والمراجعة من قبل إدارة الدراسة والبحوث، بالتنسيق مع لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي»، إلا أن الدكتور خليل الخليل ،عضو آخر في (الشورى)، يؤكد أن مشروع الرخصة: «قوبل بالرفض من أعضاء المجلس التربويين». على أية حال، وبعيدا عن هذا الاختلاف الشكلي، يعزو آل مفرح تقديمه المشروع إلى وضع أسس نظامية لمزاولة مهنة التعليم: «من شأن النظام أن يطور الأداء ويساعد المخفق على التغلب مع ما يواجهه مهنيا». ويطالب عضو الشورى بإلزام الممارسين للمهنة بالحصول على الرخصة في مدة محددة: «مدة الرخصة خمس سنوات، تجدد بعد انتهائها بما لا يزيد على فصل واحد. وتحدد اللائحة التنفيذية إجراءات وشروط تجديدها وربطها بالعلاوة ، التي يحرم منها فيما لو انتهى العام من دون تجديد الرخصة». ومستشهدا بدول مجاورة وعالمية، أسهم تطبيقها لرخصة المعلم في تقدم التعليم لديها والدفع بمخرجاتها للمنافسة العالمية. يعتبر آل مفرح أن رخصة المهنة ليست تجربة جديدة في السعودية: «لدينا تجربة قائمة وفاعلة، تتمثل في نظام مزاولة المهن الصحية الذي يضع أسس وقواعد مزاولة المهن الصحية على اختلاف. إذن فلا غرابة أن نطالب بإقرار مشروع مواز خاص بالتعليم». ويبدو أن مستويات المعلمين هي أيضا ما دفعه إلى تقديم المشروع «معلمون لا يرتقون إلى الطموح ومتواضعون مهنيا»، مدللا بالقول : «حققت السعودية المركز 43 بين 45 دولة شاركت في الاختبارات الدولية المقننة للطلاب الذي عقد عام 2003 للمرة الأولى ب 4500 طالب وطالبة، يمثلون 15 مدرسة من طلاب وطالبات الصف الثامن (الثاني متوسط)، وعلى الرغم من ارتفاع المستوى الدراسي لطلاب السعودية وارتفاع معدلاتهم إجمالا، وخضوعهم للتدريب استعدادا للمشاركة في هذه المنافسة العالمية، إلا أن النتائج جاءت متدنية». ولا يوجه آل مفرح سهام انتقاداته إلى المعلمين وحدهم، بل يحمل وزارة الخدمه المدنية المسؤولية: «إنها تعيِّن الطلبة الجامعيين في وزارة التربية والتعليم دون النظر في كفاءتهم»، مضيفا: «ليس ثمة تنسيق فاعل بين مؤسسات الإعداد وجهات التعيين؛ ف » الخدمة المدنية» تحاول أن تتخلص من القوائم التي لديها من حملة الشهادات الجامعية عن طريق توظيفهم في وزارة التربية، التي لا يكون لها من الأمر شيء إلا إجراء المقابلة الشخصية الشكلية في إداراتها كمتطلب لاستيفاء شروط الحصول على الوظيفة فحسب؛ حتى إن اختبار الكفايات الذي حاولت الوزارة اعتماده ضمن عناصر المفاضلة لم يتم الأخذ به من قبل الخدمة المدنية بالشكل المطلوب». ويبدو أن مشروع الرخصة لم يرق كثيرا للدكتور خليل الخليل لعضو مجلس الشورى الأخير الذي يرى أنه: «يتعارض مع الأنظمة والتشريعات القائمة، ويتضمن اقتراحات يمكن أن تتحقق من دون هذا النظام مثل إنشاء جمعية أو اتحاد للمعلمين». ورغم وصفه المشروع بالفاشل، إلا أن الخليل يقترح تطبيقه في التعليم الأهلي: «تطبيقه في التعليم العام ممكن أيضا، لكن بعد إنشاء اتحادات وجمعيات للمعلمين تمنح من خلالها بطاقة مزاولة المهنة». ولا يخلو حديث الخليل من العاطفة ، إذ يعتبر أن في تطبيق المشروع إحباطا للشباب والفتيات السعوديين : «ليس هناك حاجة إلى مزيد من الخطوات الإلزامية التي تعكر صفو الشباب وتعوق توظيفهم في التعليم». وفي معرض انتقاده للمشروع الذي تقدم به آل مفرح وصف الخليل الدراسة المقدمة بأنها : «سطحية ولم توضح كل الأبعاد بشكل جيد». في المقابل يبدو أن وزارة التربية تختلف كثيرا مع ما ذهب إليه الخليل ، إذ يؤيد الدكتور الأمير فيصل المشاري مدير المركز الوطني للقياس والتقويم المشروع الذي أوكل للمركز: «أول عناصر تطبيقه بدأ منذ أكثر من عام عبر إلزام المتقدمين للوظائف التعليمية باختبار في مركز القياس الذي أثبت بالفعل تدني مستويات المتقدمين خاصة في المواد العلمية». وقال المشاري إن المركز أبدى استعداده لدراسة ووضع تصورات للمشروع، لافتا إلى أن دور المركز: «تنفيذي لبعض عناصر المشروع وتقديم الاختبارات التي تشمل العام المقبل المعلمين الجدد ومعلمي المدارس الأهلية». فيما ألمح إلى تطبيق المشروع على جميع العاملين في قطاع التعليم خلال الأعوام القليلة المقبلة، إلا أن المشاري، استثنى المعلمين القدامى: «قد لا يطبق عليهم العام المقبل»، مضيفا: «تطبيقه يجب أن يكون تدريجيا ليشمل كل العاملين في القطاع»