لا تظنوا أن اليوم، يوم للبؤس والجوع واليأس.. هو يوم لكشف الرأس، للصيام، للبحث عن كفارة، وهو يوم صالح لمحاولة إفراغ «حياتنا» من رذائلها. دعونا نلتفت لكروشنا المتدلية بسبب الكثير من النهم والنفاق والرغبات المتوحشة، ونبدأ بالخجل من تراكم الشحوم على كرامتنا، ونأسى على مستقبلنا المهدد بالمرض والموت، ولا بأس لو تحاملنا على أنفسنا، وصممنا بجرأة على قطع أيدينا إن لم نستطع رفع مائدة «الاغتصابات» اليومية في مجتمعنا، كتلك المائدة التي تقدم الفتيات الصغيرات طعاما لأصحاب الشهوات المتورمة، فنصبح على اغتصاب طفولة بريئة، ونمسي على هتك أحلام بيضاء. المصيبة أننا نقف في صمت ونتابع انتهاء «سي السيد» من وجبته، وبكل هدوء نمرر أيدينا في اليوم التالي، بتواطؤ جماعي مريب، وتحت نظر العالمين، نصافحه وفي ضمائرنا نقول «والله حرام بنت صغيرة وتتزوج شايب». والمصيبة الكبرى أنه عندما بدأنا بهز رؤوسنا رفضا، وحوقلنا همسا بؤسا على فتياتنا الصغيرات، جلجل البعض مستعينا بقصة عائشة رضي الله عنها بحثا عن ثغرة تخرج رأسها منه لتعلن «لا نص شرعيا يحرم الزواج من صغيرة». وتبرأ القانون الذي من المفترض أن يقف إنصافا لمسألة لا تستوجب انتظار تحريمها، فالإسلام مع الإنسان وليس ضده، ثم هل يجب أن ننتظر فتوى لنحمي بناتنا ومستقبلهن؟! أيها المسؤولون.. رفقا بمصائر صغيراتنا ومستقبلهن.. صدقوا أو لا تصدقوا تكاد تضيع شهية الكثير منا لحياة هادئة كلما سمعنا بقضم عظام طفلة تحت أسنان «مستذئب» يحميه صمت المجتمع. وسوف ترون بأعينكم جيلا يضرب بتأنيكم وتسويفكم عرض الحائط، ويتصرف بطريقته التي قد تؤذيه وتؤذيكم، كل ذلك بسبب جرائم مغموسة في «باب درء المفاسد» وأخرى تغرق بمبدأ الإذعان «لثقافة المجتمع وعاداته».